|
لقاء قناة روسيا اليوم RT الفضائيَّة مع الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة على هامش أعمال الدورة الـ73 للجمعيَّة العامَّة للأمم المُتحِدة في نيويورك
الجعفريّ لروسيا اليوم: إرادتنا لا تُرتهَن بإرادة أجنبيَّة إقليميَّة أبداً.. أنا أتكلـَّم عن مِحنة شعبي ونُطالِب المُجتمَع الدوليَّ بأن يقف إلى جانبنا.. بعض مُواطِني الدول أسمعونا صوت الإرهاب.. على العالم أن يُصحِّح الصورة عِبْرَ مدِّ كفِّ المساعدة للعراق
الاخبار | 07-10-2018
الجعفريّ: نُرحِّب بك ابتداءً أجمل ترحيب سيِّد سرجون.. أنتَ سمعت في الأيَّام القليلة الماضية اسم سرجون انتشر في المواقع، ونقلوه من مرحلة تاريخيَّة إلى مرحلة تاريخيّة أخرى. يقولون: هذا نوع من أنواع الأسماك في نهر الأمازون، أو في نهر الكاريبيّ، وغيرهما. هذا العصر الجديد، عصر الاتصالات، والغالبيَّة العظمى من الناس مُثقـَّفون، واعون، وبعضهم كمّ بشريّ يميل إلى حالة الضجيج؛ فجاء اسمك، فلا تأخذك الوحشة من الأمر.
الجعفريّ: المُشكِلة أنـَّه لا يعرف تاريخه، وفي الوقت نفسه يأخذ بالكم حتى إذا كان الكم عقيماً لا يُنتِج -مع احترامي لأصحاب الرأي، والشجعان. يقولون: في يوم ما شيَّعوا جنازة رجل.. فكان هذا الرجل -الذي في الجنازة- حيّاً، فأدار برأسه رأى الناس يذهبون به إلى المقبرة، فقال لهم: إلى أين تذهبون بي؟ قالوا له: أنت مُتَّ.. قال لهم: ألستُ أتكلـَّم معكم، قالوا له: نُكذِّب كلَّ هؤلاء الناس، ونُصدِّقك؟! بعض شرائح الناس يحكون بثرثرة بلا وعي.. هذا موجود.. على كلِّ حال. أخي سرجون: نحن لا نجد تناقضاً في تعامُلنا الإقليميِّ، والدوليِّ مع دول العالم، ونُوفـِّق بين مصالحنا.. أعني: لا يُوجَد تناقـُض في تعامُلنا مع هذه الدولة وتلك الدولة؛ لأنَّ لدينا بوصلة مُحدَّدة باتجاه مُعيَّن.. نحن لدينا مصالح وطنيَّة عراقـيَّة، ومصالح قطبيَّة ثنائيَّة مع هذه الدولة، أو تلك الدولة.. نعم، قد تضيق، أو تتـَّسع المصالح بيننا وبينها، ولكن -بالنتيجة- نُبرِم علاقة معها من دون أن تتحوَّل إلى علاقة محوريَّة، وصراع الأقطاب، وإذا لم يتوافر عنصر المصالح المُشترَكة، فعنصر المخاطر المُشترَكة موجود.. أعني: أنـَّنا التقينا مع دول ما كانت بيننا مصالح مُشترَكة، لكنَّ الإرهاب شكـَّل جرس إنذار صعق العالم كلـَّه بأنـَّه يُنذِر بولادة إرهابيَّة عالميَّة اتخذ العراق محطة لها، ووجدنا أصدقاء يلتقون معنا ليس فقط بالمصالح، بل بالمخاطر، فنرسم علاقتنا على هذا الأساس.. إيران واحدة منها جيوجغرافيّ، إذ إنَّ بينها وبين العراق 1400كم، ولدينا استحقاقات التاريخ، والحالة المُجتمَعيَّة، والكثير من المُشترَكات نُحافِظ عليها.. وهذه علامة الحضارة. أميركا -أيضاً- وقفت إلى جانبنا في مقطع مُعيَّن، ونحن نكنُّ لها التقدير، ونتعامل مع الأمَّة الأميركيَّة بمقدار ما هي ترعى مصالحنا، ولا تتدخـَّل في شُؤُوننا، ولا نتدخـَّل في شُؤُونها. عندما يكون هناك تقاطـُع بين دولتين لا نتحوَّل صدى لصوت هذه الدولة أو تلك الدولة، ولا نكون جزءاً من إرادتها، بل نُحافِظ على إرادتنا؛ لذا نعتقد أنـَّه ليس من مصلحة إيران، ولا من مصلحة أميركا، وليس من مصلحة دول المنطقة، والعراق أن يدخل في هذا الصراع.. ولا نكتفي أن لا نكون جزءاً منه، بل نبذل جُهداً، ونُحاول أن نُرمِّم العلاقة، ونجعلها إيجابيَّة، وآمنة تدرُّ على دول المنطقة بالمصالح. هذه سياستنا في التعامُل مع هذه الحالة؛ ومن ثم لا نترك فرصة إلا وندفع بهذا الاتجاه: اتجاه تجنيب المنطقة مَغبَّة الحُرُوب، والمشاكل، والأزمات.
الجعفريّ: مسألة تصعيد الخطاب: سبق أن حدث بين أميركا وبين كوريا الشماليَّة أكثر من هذا.. أليس صحيحاً؟ شهد منبر الأمم المتحدة العام الماضي صراخاً، وصخباً من كلا القطبين تجاه الآخر يُنذِر بحرب عالميَّة ثالثة وشيكة. بالنسبة للعراق يُراعِي حقائق الجغرافية مع دول الجوار، فيُجنـِّب نفسه التدخـُّل في سيادتها، ولا يُساهِم في تهيئة أجواء من شأنها أن تجرَّ المنطقة إلى حُرُوب.. نعم، هو دولة دستوريَّة، ولديه برلمان، والقرارات التي يتخذها تمرُّ بسلسلة يُساهِم فيها العراقـيُّون تشريعيّاً في البرلمان، وتنفيذيّاً في الحكومة، ولكنـَّنا لا نُساهِم في الحصارات بشكل مُباشِر، أو غير مُباشِر.. العراق لديه تجربة حصار في العقد الأخير من القرن العشرين من 1990 إلى 2003، وعانى الأمرَّين، فنحن نُدرِك ماذا يعني الحصار.. الحصار لا يُضعِف الحاكم، بل يبقى كما هو، ويُضعِف الشعب، والشرائح الضعيفة من الشعب: المرضى، والكبار، والعجائز، والأطفال، ويُحاوِل أن يجثم على صُدُورهم، ويُلحِق بهم الويل.. فلا يُمكِن أن نتعقـَّل ذلك؛ لذا نحن في الوقت الذي نلتزم بكلِّ شيء، لدينا خطوط حُمْر، ونعتقد أنَّ الطفل له هُويَّة عالميَّة؛ لذا نحن مع الطفولة في كلِّ العالم، ونحن مع الشيخوخة في كلِّ العالم، ونحن مع الأنوثة في كلِّ العالم؛ لذا لا نقبل أن نمرَّ بمُعادَلة تُلحِق الضرر بهؤلاء الناس.
الجعفريّ: واردة جدّاً.. لماذا حصلت بين أميركا وكوريا الشماليَّة، ولا تحصل بين أميركا وإيران؟َ! القطيعة، والحِدَّة، والتباعُد بين أميركا وكوريا أكثر من التباعُد الموجود بين إيران وأميركا. بالمُناسَبة.. إيران وأميركا أصولهم واحدة، هم شُعُوب آريَّة، وليست ساميَّة، وفي الوقت نفسه كان يُوجَد تفاهُم في عصر الرئيس أوباما، وجلسوا على طاولة الحوار، ووعوا خلافاتهم بعقلانيَّة، وحلـُّوا المشاكل، وجدولوا ما اتفقوا عليه؛ لغرض الإنجاز. العالم كلـُّه الآن مُثقف بثقافة حلِّ الأزمات؛ لأنَّ الأزمة إذا اشتعلت في بلد لا تقف عند حُدُوده؛ لذا على كلِّ دولة أن تتحاور بالأزمات، وتعي أنـَّها لن تكون أمام الشعب الذي تُحاصِره فقط، بل أمام شُعُوب المنطقة.. كلُّ المنطقة لديها وعي، وترفض أن تُعرِّض بلدانها، ومصيرها للخطر.
الجعفريّ: إيران كانت ضحيَّة قبل أميركا.. هل يُعقـَل أن يكون الجاني هو الضحيَّة؟! أوَّل ما بدأوا بالقنصليَّة الإيرانيَّة، وكانت هناك شعارات ضدَّ إيران على الرغم من أنـَّها أرسلت خِيَرَة ما لديها من شباب لإعانة العراق من مُستشارين.. هذا كلام هراء.. هذا ليس صحيحاً. القنصليَّات، والبعثات الموجودة بالعراق في ضيافتنا، وتـُشكـِّل جزءاً أساسيّاً من السيادة، وأمنهم أمننا.. الحكومة العراقـيَّة تُدافِع عنهم أيّاً كانت خلفيّتهم السياسيَّة، والجغرافيَّة، والقوميَّة. نحن نعُدُّ هذا جزءاً من أمننا الوطنيِّ العراقيِّ.. أنا أتصوَّر أنَّ الخطوة كان فيها تسرُّع، وأرجو أن تُعِيد أميركا النظر في هذا القرار، وليس من مصلحتها. كلُ البعثات في العراق مُؤمَّنة.. والعراقـيُّون لا يسمحون بأن تطالهم أيُّ أيدٍ، أو تُؤذِيهم.
الجعفريّ: بل استطعنا، ولا نتكلـَّم عن مُستقبَل قابل لأن يحدث أو لا يحدث.. نحن لدينا أقوى العلاقات مع دول الخليج، ومع إيران، ومع أميركا، ومع البعيد الجغرافيِّ، ومع القريب الجغرافيِّ.. العراق ليس صدى لصوت الآخرين.. العراق يمشي على بصيرة، ويصنع ما يعتقد به، ويتفاعل مع مواقف العالم بما يعتقد به... هذه حقيقة الوضع في العراق.. العراق بلد مُتحضِّر.. والبلد المُتحضِّر من علاماته أنـَّه يُجيد فنَّ التعامُل مع الآخر مهما كان بعيداً، ويبحث عن مساحة مُشترَكة، ويتعامل بها.. نحن جاهزون لأن نكون جزءاً من الحلِّ، وكنا جزءاً من الحلِّ، ولسنا مُستعِدِّين لأن نكون جزءاً من المشاكل، وجزءاً من الحُرُوب.. الذي يُرِيد أن يُشعِل حرباً في المنطقة لا نكون منه سواء أكانت هذه الدولة قريبة، أم بعيدة. نحن مُستعِدُّون لأن نكون عنصر خير، أو جزءاً من مشروع حلٍّ، وليس من مشروع مُشكِلة. العودة إلى صفحة الأخبار |
|