الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

لقاء قناة الاتجاه الفضائية بالدكتور إبراهيم الجعفريّ 19/2/2013
الاخبار | 23-02-2013

 

- ما رأيك بالتظاهرات، هناك تناقض في الآراء هناك من يقول إنَّ أهدافها مشروعة، وهناك من يقول: إنها أجندات خارجية.. أيُّ الرأيين هو الأصوب؟

الجعفريّ: أنا أعطيتُ رأيي بشكل صريح، ومُدوَّن، وقُرِئ في بعض الفضائيات باسم التحالف الوطنيّ: إنّ التظاهرة حقٌّ مكفول في الدستور، نعم.. قد ترد عليها ملاحظات جزئية، لكن لا تعني أن نتهم متظاهرين الذين يمثّلون بثقلهم ثقل الشعب، وبتنوُّعاتهم تنوُّعات الشعب، وبحجمهم -بشكل أو بآخر- حجم منطقة واسعة من الناس.

لا يمكن الطعن بـ(التظاهرة) من حيث المبدأ؛ لأنها تعبير عن رأي عامّ، والرأي العامّ قد تلتقيه في موسم الانتخابات، وأحياناً يكون تقويماً للحكومة، فيصدح بصوته؛ ليُشير إلى مَواطن الخلل، نعم.. قد تتعالى بعض الصيحات، وقد توجد ظاهرة اختراقات، أو شعارات ليست صحيحة، لكنّ هذا مدعاة للفرز لا مدعاة لأن نسبغ على كلِّ التظاهرات هذه الحالات الاستثنائية.

- تعتبر أنَّ التظاهرات تمثل تنوُّعاً.. هل ينطبق التنوُّع على التظاهرات، وهي تنادي باسم مُكوِّن مُعيَّن؟

الجعفريّ: فيها مجتمعيات متنوِّعة، وفيها -على سبيل المثال- طبقات اجتماعية مختلفة، واتجاهات سياسية مختلفة، ومطالبهم متعدّدة.

عندما تُطرَح شعارات في التظاهرة بحجم التصحيح، والمناداة برفع حيف وقع عليهم، عندهم مظالم، وسجناء فهذه طالما تعبِّر عن واقع موجود مع الاختلاف في درجة صوابية هذه المطالب.

إذا كانت قد رُفِع شعار مُعيَّن، أو صورة مُعيَّنة، أو شخصية أرادت أن تستغلَّها فلا يعني أن تكون مُخترَقة.

مادام في التظاهرة كم بشريّ، ومُتنوِّع، وهناك مطالب مشروعة فليس لنا إلا أن ننفتح عليها، ونتفاعل معها.

- ليس هناك رأس يقود التظاهرة؛ حتى تنفتح عليه، وتتفاوض معه؟

الجعفريّ: هذا -في الحقيقة- مما يرد من ملاحظات على التظاهرات بأنّ الذين يأتون، ويحاورون باسم المتظاهرين قد لا يكون لهم ثقل، وفي الوقت نفسه يوجد خلل في الطرف الآخر بأنّ عليه أن يقارب التظاهرة من خلال المجموعة التي تتواجد في الشارع، والتي تحظى في الحكومة والعملية السياسية بمَن يمثـِّلها في البرلمان وفي الحكومة.

التحالفات الوطنية بما فيها التحالف الوطنيّ الذي يمثـّل الجانب الآخر عليه أن يقارب هؤلاء، ويقترب منهم، ويسمع منهم مباشرة؛ حتى يصير التخاطب تخاطباً ميدانياً من موقع الحكم الذي هو أعمُّ من الحكومة، ومن موقع الشارع الذي يتظاهر؛ حتى نقرِّب المسافة بين الطرفين، أمّا أن تحاور مجموعة ليس لها رصيد، وليس لها حجم في المتظاهرين أنفسهم فلا تكون هناك أيُّ نتيجة.

- كيف نعرف هذه الشخصية ذات الحجم، وذات الثقل.. هناك من يقول: إنّ هناك من لا يريد الحلّ مع الحكومة؛ ومن ثم أيُّ شخصية تصل إلى حلٍّ مع الحكومة يتمّ الانتقاص من هذه الشخصية كالشيخ عبد الملك السعديّ، والشيخ خالد الملا، والصميدعي وآخرين؟

الجعفريّ: بغضِّ النظر عن الأسماء.. أعتقد أنَّ هناك مطالب، ولسنا الآن في حكم ضدَّ شعب وضدَّ حكومة، نحن أمام عامل تكامل أن نضع هذه المطالب أمامنا، وندرسها بثقة ووعي، ونصنـِّفها سواء كانت على أساس قضائيّ، أو خدميّ، أو أمنيّ، أو مخابرات، أو حقوق عامة، أو متقاعدين، أو قوانين سلطة تشريعية، أو سلطة تنفيذية. عندما ندرسها، ونبدأ نحرِّك عجلة الحلّ؛ يصير التخاطب مُتبادَلاً بين التظاهرة وبين الحكومة، وتكون مناشدة بإنجاز عمل، والحكومة من طرفها أن تعمل على ذلك.

- التظاهرة تريد إسقاط الحكومة؟

الجعفريّ: لا ليس كلُّها بالمُطلَق.. أنا على يقين بأنّ من يُعتَدُّ برأيهم النوعيّ لديهم مطالب عقلانية، ولنقُل: توجد نسبة تريد أن تستغلَّ الحالة، فالقضية لا تُقاس بمحرار لمعرفة درجة الحرارة.

هناك جمهور يختلط فيه الصحّ بالخطأ.. كلُّ مظاهرات العالم يشوبها بعض الأحيان بعض الشوائب، لكن لا يعني أن يصادر الإنسان شيئاً مادام يتمظهر على شكل كم مجتمعيٍّ متنوِّع، ويطلب, ويشير إلى بعض الأخطاء.

- في المقابل توجد تظاهرات في الجنوب بالضدِّ تماماً من هذه التظاهرات، وشعارات هذه التظاهرات تقف بالضدِّ من هذه التظاهرات؟

الجعفريّ: حتى لا نعمل على مذهبة التظاهرات، أو عنصرتها علينا أن نعقلن ردَّ فعلنا، ويجب أن نخاطب جمهورنا بأنَّ وراء هذه الصيحات مظالم بعضها ذات طابع قضائيّ، وبعضها ذات طابع تنفيذيّ، وفيها طابع إنسانيّ لها علاقة بالتقاعد، وفي الوقت نفسه نقول بكلِّ جرأة: نحن نتفق مع المظاهرات الأخرى التي تحذر من مغبّة استغلال التظاهرات، وإعادة وضع سياسيّ سابق.

نقول بكلِّ صراحة وشجاعة: إنَّ الحكومة بكلِّ إمكانياتها وكتلها البرلمانية تعي وعياً جيِّداً وكاملاً، ولا تعطي مجالاً -لا سمح الله- لتعريض التجربة إلى الانهيار أو ما شاكل ذلك؛ هنا يأتي الأداء القياديّ الذي لا يُنكِر شقَّ الحقِّ عند المطالب، ولا يتمادى بالردّ بحيث يكون كأنه عكسه؛ فنخاطب الجمهور في الأنبار، وهو شعبنا، وجمهورنا بلغة الاستجابة للمطالب المشروعة، ونخاطب أيضاً التظاهرات الأخرى التي تقلق من هذه الحالة لبروز بعض الصور وبعض المطالب التي تشير إلى نذير خطر، ونذير سوء، فنطمئنها.

- هناك أكثر من خط على المطالب المشروعة، فإلى الآن ما قال أحد ما هي المطالب المشروعة.. هلّا تشخِّص لي هذه المطالب المشروعة؟

الجعفريّ: من جملة المطالب: افترض يوجد بعض الاعتقالات التي حصلت، وقد طال أمدها، ولم يعرفوا مصير هذه الاعتقالات، وقالت اللجنة الوزارية: نحن درسنا هذه المطالب المشروعة، وبدأنا بحلِّ بعض الملفات، وأطلقوا سراح البعض، وهذا مطلب مشروع، وإلا من غير المعقول أن تُحَلَّ بعض المشاكل على حساب القانون، فبكلِّ تأكيد ضمن السياقات القانونية، وهذا يعني أنَّ هناك أخطاء، فبادروا بتصحيحها، وهكذا الحال افترض أنَّ بعضها تتطلّب الآن أن نمتدَّ إلى المساحة الرصاصية الرخوة، وأن نعيد النظر ببعض مُفرَدات العدالة بما لا يتعارض مع الدستور فهذا تحفيز من الشارع، كما أني أعتقد أنَّ قانون المساءلة والعدالة انتقاليٌّ وليس حقيقة دستورية؛ لذا عبّرنا عليه بأنه انتقاليّ، وترد عليه بعض هذه الملاحظات، ويرد عليه أنه ربما طُبِّق، وجرى التسامح مع البعض أكثر من اللازم.

توجد اتهامات مُتبادَلة، وقد وصلنا إلى شيء من خلال الحوار بالخُماسية، وطُرِح موضوع العفو العامّ، وموضوع التقاعد للعسكريين والمدنيين، وموضوع المجاميع الأخرى التي كانت عليها بعض المشاكل، وبدأت تقترب المسافة إلى حدٍّ ما.

- في هذه الخماسية لم يستمرّ الحوار، والملتقى الوطنيّ ألغي في اللحظات الأخيرة؟

الجعفريّ: لا.. لم يُلغَ، ففي اللقاء الأول حضر الإخوة جميعاً، وفي اللقاء الثاني العراقية ما حضرت، ولو بعض الشخصيات حضروا، ونحن قدّرنا ظروفهم فهم في داخلهم أجروا حوارات كما أبلغني أحدهم بأنهم مختلفون على الحضور، ويشعرون أنهم مُحرَجون من قبل جمهورهم.

أنا أختلف معهم، لكنَّ ذلك لا يعني أن أتجاوز على قناعاتهم، نعم.. أنا نصحتُ بأنَّ القياديَّ يمشي أمام الجمهور ليس من باب الاستعلاء إنما من باب التضحية، يصدح بصوت الجمهور، ويثقف الجمهور، ويقول للجمهور حقيقة ما يجري بفرق موضوعيّ، وأنت في وسط العملية، وفي الحوار، وفي البرلمان، وفي الحكومة.. هذا يعني أنك تملك شيئاً غير موجود لدى الجمهور.

-القائمة العراقية تقول: الائتلاف الشيعيّ يستحوذ على كلِّ شيء؟

الجعفريّ: وهل العراقية غير موجودة في الحكومة، وبيدِ من رئاسة البرلمان؟

أليست بيد العراقية، أليست الوزارات المهمة الموجودة في الدولة بيد العراقية..

هذا الكلام غير صحيح إطلاقاً.. قد يشعر به، وقد يكون صادقاً مع نفسه لكنه مُشتبه.

مَن يتصدّى للمسؤولية هو الذي يُضفي على المسؤولية مصداقية من خلال الالتزام أمام الآخرين، وأن يؤدّي دوره.. لا أحد يمسخ دوره.

- إذا كان الطرف المقابل لم يسمع هذا الصوت فماذا يفعل غير الانسحاب؟

الجعفريّ: لا.. هذه عقلية معارضة أمام نظام دكتاتوريّ، ونحن الآن في بلد حُرّ، وحكومة تعطيك حقَّ الكلام باسمك وبملء حريتك، ولا يضايقك أحد.

بيدهم وزارات أساسية، والآخرون متعاطفون معه، وهو جزء من مجلس الوزراء فلِمَ لا يطرح كلَّ قضية، ويمارس دوره.

مجلس الوزراء تعبير تختمر فيه الأفكار، فتتمخض عن قرار يمثّل مجلس الوزراء.

الوزير يمثل بحضوره الكلَّ الوزاريّ، ورئيس الوزراء ليس إلا رئيس يرأس المجلس، لا يوجد عنده شيء شخصيّ يميِّزه عن البقية، إلا إذا انقسم مجلس الوزراء على قسمين فهو يرجّح أحد القسمين بالتصويت، وهذه حالات استثنائية جداً، نعم لديه صفة شخصية كونه القائد العامَّ للقوات المسلحة، وصفة عامة وهي رئيس مجلس الوزراء,

- التوافق هو الذي يمنع إقرار القوانين، وليس رئاسة البرلمان؟

الجعفريّ: هذا التوافق السيئ الصيت الذي صار كأمر واقع، وعلينا أن لا نجعل التوافق عملية مراوحة، وعرقلة.

إذا كان هذا التوافق أنتج ما أنتج فلنتعاطَ معه، والمهم أن نفتح الطريق أمام إنجازات، ونسأل أنفسنا في كل جلسة برلمان كم قراراً اتخذنا، وكم قانوناً شرّعنا، وكم أنصفنا، وكم ساءلنا؟

أما أن نبقى نراوح بهذا الشكل فلا أرى هذا شيئاً صحيحاً.

- تحدثتَ عن رئاسة البرلمان، ولا تجدها بالمستوى المطلوب؟

الجعفريّ: طرأت عليها في الآونة الأخيرة بعض ردود الفعل ما كنتُ أتمناها.

يجب أن تبقى رئاسة البرلمان في أفق الوطنية العراقية، والعملية السياسية العراقية من دون أن تتقلّص إلى أيِّ قائمة، وقد من بدأت تصدر كلمات من هذه الطائفة أو تلك الطائفة، ومن هذه الكتلة أو تلك الكتلة خصوصاً.

من يمثّل رئاسة البرلمان سواء كان الرئيس أو نائبه الأول أو نائبه الثاني: إنما سُمِّي الرأس رأساً؛ لأنه يملك ناصية التحكُّم بالأطراف.. فعندما تكون رئيس وزراء، أو رئيس جمهورية، أو رئيس برلمان بالذات هذه النقطة المهمة فهذا يعني أنك تمثّل الشعب، وتمثل الكتل كافة إلى درجة أن لا يعرف أحد من أيِّ خلفية.

الأداء الأخير -بصراحة- ليس بمستوى طموحي، وما كان ينبغي أن يحدث.

- زيارته إلى قطر؟

الجعفريّ: رأيته بعد زيارته قطر، لكن لم يحدث بيني وبينه حوار عن سبب الزيارة، وما دار فيها.

- هل حصل حين كنتَ في موقع المسؤولية أن سافرتَ إلى دولة؛ لتحضر لقاءً تلفزيونياً؟

الجعفريّ: لا.. لا أفعلها، ولا أسافر إلى دولة للقاء تلفزيونيّ.

- حتى وإن كان لاعتبارات شخصية، أو بروتوكولية، ووطنية؟

الجعفريّ: جميعها.. مَن يذهب إلى بلد آخر إنما يذهب؛ ليمثّل دولة، وبرلمان بأكمله، أما أن يذهب إلى بلد آخر للقاء تلفزيونيّ فلا أراها مناسبة.

لسنا في أزمة فضائيات؛ حتى نسافر لأجل عرض خطابنا، إنما يهمُّنا أن نخرج إلى الفضاء، ونتحدّث بحجم كامل، ونعطي إطلالة واسعة، ونعمِّم خطابنا.

- ألا تعتقد أنَّ الخطاب الذي دار في البرنامج جيِّد؟

الجعفريّ: أنا أبديتُ ملاحظات، وما كان بودّي أن أسمع؛ لأنه تناول أسماء لزملاء وإخوة بنقود سلبية، ما كنتُ أتمنى أن تُوجَّه تُهَم؛ نحن لسنا ضدّ الصراحة، إنما يجب أن لا نتصرّف من موقع منسلخ عن طبيعة الظرف الذي يحيطنا.. الظرف الذي يحيطنا هو مأزوم، وعشمي بالأخ أسامة أن يعمل على تهدئة الأجواء، نعم.. في الغرف نتصارح، ونتكاشف، وهذا لا يناقض ذاك.. أصارحك بما لديَّ من ملاحظات في الخفاء، وأكمل بما فيك من إيجابيات، ولا أقلب الحديث، فهذا نفاق أرفضه بضرس قاطع.

أقول بحقِّ الحركات والأحزاب والكتل السياسية: ما بنا نختزل الوطنية بقائمة، ونقصي الوطنية عن قائمة أخرى.. الجميع أبناؤنا.. أنت رأس البرلمان، ومُؤتمَن على كلِّ البرلمان.

- هل أنتَ مُتحامِل على النجيفي؟

الجعفريّ: لا.. على العكس؛ أنا أعتزُّ بالنجيفي، وهو أخي، نعم.. أعتبُ عليه قدر احترامي وتقديري له، وهو يعرف جيِّداً ما أقصد بهذه الكلمات؛ لقد كنتُ، ولاأزال أتعشّم بأن لا يتعثّر بهذه الجزئيات، ويفكّر بالحجم الوطنيّ، وأنَّ المصلحة الوطنية تتطلّب الحوار المباشر الذي يسمع فيه الطرف المقابل، ويُشعِره أنه أمام إنسان يريد أن يتعاون معه لحلِّ مشكلة حتى إذا كانت لدينا ملاحظات على بعضنا البعض.. الإعلام ليس مجالاً للسجال إنما هو الحوار المباشر الذي يمكن به حلحلة أعقد المشاكل.

- هل الحكومة جادّة بحلِّ المشكلة، هل السيِّد المالكيّ قادر على حلِّ المشكلة، وأنت تحدّثت عن أنّ القيادة يجب أن تخاطب المتظاهرين، والسيِّد المالكيّ خاطبهم بأنهم فقاعات؟

الجعفريّ: الحكومة تعني كلَّ المُكوِّنات ومن ضمنها القائمة العراقية، والكرد، والتحالف الوطنيّ.

- هذا نظريّ؟

الجعفريّ: لا.. مجلس الوزراء لا يقرّره الأخ المالكيّ وحده، وكان يجب أن يناقش موضوع النظام الداخليِّ في مجلس الوزراء، ويُحسَم خلال الفترة التي مضت؛ يوجَد عُرف في بريطانيا لا يوجد فيها دستور مُدوَّن، لكن فيها عُرف. أول دستور بالنسبة للدول الغربية وأول ثورة صارت به الثورة الكبرى ثورة 1877. هذا لا يعني أنه لم يكتب بها دستور،

 اسألك... البرلمان به نظام داخلي؟؟ لايوجد به نظام داخلي التصويت الاول حدث ولم يصادق عليه وهذه مشكلة ثانية فاذن نحن لو وظفنا الوقت والجهد لحل ومليء الفراغات لانتهت المشكلات؛ المطالبة موجودة باقرار النظام الداخلي لمجلس الوزراء والنظام الداخلي للبرلمان؛ اسأل كل الوزراء وانا سمعت من وزراء العراقية ومن على شاشات التلفزيون يقول الرجل يعطينا مجال بالحوار ولايملي علينا يعني ما الذي صار.

- كان لي لقاء مع إياد علاوي، وهو مُتحمِّس جداً لعودتك إلى رئاسة الوزراء.. أنت مطروح كبديل لرئيس الوزراء؟

الجعفريّ: أنا لم أطالب بهذا الشيء.. أنا أساند العملية الوطنية السياسية، وأشدّ على يد مَن يتصدّى.. ليس لديّ عقد عاطفيٌّ مع الشخص إنما لديّ عقد دستوريّ مع الموقع.. وفائي وواقعيتي هي خدمة العراق، ومبدئيتي في الالتزام بالدستور، أيّ شخص يتصدّى لرئاسة الوزراء، أو رئاسة الجمهورية، أو رئاسة البرلمان، أو رئاسة السلطة القضائية أنا أتمسّك به.

- هل تحدثت مع السيِّد المالكيّ في إدارة الأزمة؟

الجعفريّ: كثيرة الزيارات هنا، ويأتي دائماً إلى البيت، ونلتقي كهيئة سياسية في التحالف الوطنيّ العراقيّ، ويطرح الرجل ما عنده، ويسمع من إخوانه، كما أتكلم أيضاً مع الأخ أسامة النجيفيّ أيضاً.

عبّرت عن هذه القضية الذي اعتبرته هجوماً على الأخ أسامة أنا لا أهجم عليه، ولا على غيره، إضافة إلى كونه صديقي، أنا أعتزُّ به، وبصدقه، ولديه الكثير من المواصفات الجيّدة.

كنتُ أتعشّم به أن لا ينجرّ في الأزمات وراء هذه أبداً، ويبقى يستحضر أنه رئيس برلمان، وقد فعلها في البرلمان، وأثنيت عليه بخطاب حين قال له أحد أعضاء الإخوة في العراقية، قال له: أنت عضو في العراقية .قال له: قبل قليل كنتُ عضواً في العراقية، أنا الآن رئيس البرلمان.

لقد حظي باحترامنا جميعاً، أنا لازلت أتعشم به أن يستحضر دائماً أنه رئيس البرلمان، ويتكلم بحجم البرلمان.

- هل رئيس الوزراء يتكلم بحجم العراق، ورئاسة الوزراء؟

الجعفريّ: وما فرقه عن رئيس البرلمان؟

- هذا شيعيّ وهذا سُنيّ.

الجعفريّ: هذا الفرق لا يعني لي شيئاً، لكن النمطية البرلمانية تختلف عن النمطية التنفيذية.

الجهاز التنفيذيّ في مثل هذا الظرف الصعب يتطلب أن يُبحر الإنسان بسفينة تواجه أمواجاً شديدة، فلا تستطيع أن تؤجِّل.

حين ننتقد فليكن نقدنا من أجل التقويم، أي تعديل الخطأ، أمّا أن تسألني هل أوجِّه النقد إلى الأخ رئيس الوزراء فالجواب: نعم، وهل أوجِّه نقداً إلى الأخ رئيس البرلمان فالجواب: نعم.

- هل رئيس الوزراء يتعامل بحجم الوطن وبحجم رئاسة الوزراء أم لا؟

الجعفريّ: نعم.. هو مع مجلس الوزراء.. هذا المجلس (مجلس وزرائنا) الذين جئنا بهم، ووضعناهم بهذه الكابينة بعقلية المحاصصة لا نتوقع منه أكثر مما هو موجود؛ لأنّ النتيجة محكومة بالمقدّمات.

رئيس الوزراء ليس لديه تخويل بأن يأتي بالوزراء الذين يعتقد بكفاءتهم؛ حتى يتحمّل مسؤوليتهم.. إنها المحاصصة، ولا نتوقع أن تُنجب أكثر من الذي صار.

- الكثير من الكتل قالت: إنَّ رئيس الوزراء لم يطلب منا أصلاً أن نستبدل وزيراً حتى نبدله.. كيف نبدّل وزراءنا وهو لم يطلب منا ذلك؟

الجعفريّ: أنا أستغرب هذا الكلام.. هناك تشخيص لخلل في أداء وزراء، وفي حال توجيه نقد تتحوّل القضية إلى شخصنة، ثم تصبح سياسية.

- ولكن قضية مدحت المحمود أصبحت الآن سياسية، لماذا أصبح القضاء جزءاً من الأزمة؟

الجعفريّ: حين تُسيَّس الأمور، وتتضخّم يخرج كلُّ شيء عن مساره الموضوعيّ، ويدخل في الحيِّز السياسيِّ.

السلطة القضائية هي أولى السلطات الأربع (القضائية، والتشريعية، والتنفيذية، والإعلامية) وقد تتقدم الإعلامية وتتأخر حسب الحالة، لكن -على الأقلّ- السلطة القضائية تتصدّر هذه السلطات، فحتى إذا كان هناك قضية نقدية تُوجَّه بطريقة حضارية صحيحة، ويجب أن نميِّز بين القضاة والسلطة القضائية، فقد تكون هناك ملاحظة على قاضٍ ما، لكن يجب أن تُحترَم السلطة القضائية، وتُحترَم سياقاتها.

حين يتصدّع القضاء تتصدّع العدالة.. البنية القضائية أساس الحكم، واستقرار الحكم يقوم على قاعدة العدل.. خلال الفترة التي مضت حين كنتُ مُتصدّياً لبعض المواقع أنا أشهد أنَّ الرجل كان يتعامل باعتدال وموضوعية، ولم أجد منه حالة انفعال من أحد، أو تشنّج من أحد، أنا لم ألمس منه هذا الشيء.

- القائمة العراقية والكرد يقولون: إنه ينفذ ما يريده رئيس الوزراء، ويشرع ما يريده رئيس الوزراء؟

الجعفريّ: أنا سمعت من الأخ جلال الطالباني -منَّ الله عليه بالصحة والعافية- بلحاظين  كون الرجل رئيس جمهورية، وهو رمز كرديّ كبير، أنه كان يُثني عليه، ويعتزُّ به؛ لأنه كان زميله في نفس الدورة في الحقوق، ولطالما صار بيني وبين الأخ جلال حديث وكان يُثني عليه، وعلى السلطة القضائية في بعض الملفات باعتباره محامياً، ومُطلِعاً عليها وعلى سياقاتها.

والمحكمة كذلك ليست طائفية ففيها ثلاثة أكراد وثلاثة شيعة وثلاثة سُنة..

الأزمة في العمق اليوم أزمة ثقة، تمظهرت على شكل أزمات هنا، وهنا، وهنا.. حين تضعف الثقة يبدأ كل واحد يتقبّل الشبهات على إخوانه، وهذا ليس صحيحاً؛ نحن بحاجة إلى إعادة عُرى الثقة بين المُتصدّين، وبين الكيانات.

بأجواء الثقة نستطيع أن نحقق تشريعات قانونية، وننجز بعض القضايا المُعطَّلة، وحل مشاكل الناس، وتحسين الظروف المعاشية، والكثير من القضايا.

لو أعدنا الثقة -وهي قابلة أن تُعاد- سنجد أنَّ هذه المسؤولية الكبيرة التي تنوء بها أيُّ قائمة لا يمكن أن تُنجَز ما لم تتضافر كلُّ الجهود.

- أتعود الثقة بعودة مدحت المحمود، وقرار اجتثاثه؟

الجعفريّ: مدحت المحمود باعتباره السلطة القضائية هو ركن في العملية السياسية مثلما رئيس الوزراء ركن، ورئيس الجمهورية ركن، رئيس البرلمان ركن.

- المساءلة والعدالة اتخذت قراراً فعُوقِب رئيس الهيئة بعزله؟

الجعفريّ: ليست قضية عقوبة..

- إذا كانت السياسة لا تخدم نفسها بنفسها، وإذا كان من يقف على المنصات، وينادي بقتل الشعب، ومن يقف على المنصات، ويتكلم عن المشاكل؟

الجعفريّ: هنا يأتي دور الإعلاميّ.. على الإعلاميّ أن لا يبقى مكتوف الأيدي أمام من يعتلي المنصة، ويتكلم بقتل الشعب، ولا يكون في الاتجاه الآخر الذي يبرّر.

رسالة الإعلام أن يكشف النقاب عن الحقيقة، ويذكر أنّ هناك اختلالاً، وهناك فساداً. لو التزم الإعلام وما تسيّس، وما تمذهب، وما تعسكر، وما تجوسس لكان الحال أفضل.

أعتقد أنّ بعض الفضائيات وقعت في حضيض، وبعضها تألّقت، وظلت تحافظ على الوطنية، وعلى البعد الإنساني، وتقارب بين أيّ ملف بطريقة معقولة، وتنتقد ليس من موقع الإسقاط والتشفّي. فالشعب الآن متظاهر يريد حقوق، وهذا ليس مدعاة لأن أسقط، وأصفي حسابات، نعم.. على الحكومة أن تستجيب لمطالب الشعب، وقد شرعت في ذلك، حيث لجنة وزارية عاكفة على عدة ملفات، ولجنة الملتقى الوطنيّ، وكذا الوزارات كل حسب وزارته، وجهود أخرى.

يجب أن تتضافر جهودنا جميعاً من أجل الاستجابة.. الشعب يذكرك، ومطالبه مشروعة  يجب أن نستجيب له.

- متى هذا الملتقى الوطنيّ، والسياسيون لا يستطيعون أن يلتقوا وطنياً.. كيف يمكن أن يحلّوا مشاكل الشعب؟

الجعفريّ: هم يلتقون، لكن بشكل متباعد، وليس لنا في حلّ أيِّ مشكلة إلا الحوار، فهو النقطة الأساسية التي تضع أقدامنا على بداية الطريق؛ لإنجاز هجائية طريق نمشي به.

أنا لستُ يائساً، ولست متعصّباً لأن يكون الملتقى باسمي، إنما المهم أن يلتقي الفرقاء السياسيون، ويرسموا طريق الحلّ، ويتعاونوا..

دعني أوجّه لهم النقد: هؤلاء لايزالون في مراكز الدولة المختلفة، ويفكّرون بعقلية المعارضة.. هناك معارض، وآخر زعلان، وآخر ينتقد وهم جميعاً في الحكومة.

- السيد الطالباني مرض؛ بسبب هذا اللقاء الوطنيّ؟

الجعفريّ: كان يناشدني أن أباشر بسرعة بالحلّ، واتفقنا على شيء مُعيَّن، وقال لي: خلال بضعة أيام سأتصل بك مرة أخرى، ولكنه تعرّض إلى تعرّض له أيُّ بشر..

على كلّ واحد أن يضيف إلى وعاء المسؤولية جزءاً من المحتوى.

- هل لديك أمل بالملتقى الوطنيّ؟

الجعفريّ: لدي أمل بالشخصيات العراقية المتصدية وبالنتيجة اما ان تصل القضية الى مستوى الوعي ويلتزموا او نلزمهم بالمصلحة الوطنية والشعب العراقي ومصادر التاثير في المجتمع العراقي؛ بعض الاحيان تعمل لانك ملتزم والبعض الاّخر تكون ملزم؛ لان الغالبية تقول شيء وتشهد عليه وتبقى وحدك تغرد خارج السرب فتلزم بما اجمعوا عليه.

- هل التحالف الوطني فعلاً تحالف وطنيّ؟

الجعفريّ: نعم.. تحالف وطنيّ؛ لأنّ فيه مجموعة كتل تحالفت على ثوابت.

- كتل شيعية؟

الجعفريّ: لا.. هو تحالف وطنيّ؛ كونه شيعياً لا يعني أنه بديل عن الوطنية، وما كانت مغلقة، ولم تختنق بالآخر، لكن هناك ظروف موضوعية -للأسف الشديد- ما أردناها، ولازلنا نتعاطى معها على أنها آنية ومؤقتة.

أرجو ألا يكون المؤقت من الثوابت، وسيأتي اليوم الذي - إن شاء الله - نتخلص من هذه التقسيمات، ونتنفس الوطنية بوعاء مفتوح.

يكفي التحالف الوطني أنه غير مُختنِق، ولا مُتشرنِق، ويتعامل مع الإخوة الكرد، والإخوة السنة والإخوة المسيحيين، والإيزيديين وغيرهم على حدٍّ سواء.

- الصدريون في طريقهم، ودولة القانون في طريقهم، والائتلاف الوطنيّ يتخذ طريقه؟

الجعفريّ: التحالف الوطنيّ قوى متعدّدة، ولا يشترط أن تكون أطرافه أو شخصياته شيعية أبداً..

التحالف الوطنيّ لا يعانون من مشكلة التحالف، ولا يشترط أن تكون الأطراف والشخصيات التي فيه أن تكون شخصيات شيعية أبداً، تحالف وطنيّ إنما هناك ظروف استثنائية فرضت هذه الحالة، وهي راحلة، ولا تدوم.

- في اخر لقاء لي معك، قلتَ: أتمنى أن يكون التحالف الوطنيُّ مُؤسَّسة قادرة على إدارة نفسها بنفسها، ومُؤسَّسة متكاملة؟

الجعفريّ: في طريقه، وهو يقطع أشواطاً وإن كانت ليست بمستوى ما نطمح له.

كيف نعبِّر عن المُؤسَّسة؟ أنا أرى الأطراف المعنية تأتي، وتطرح آراءها، وتتخذ من المؤسسة مرجعية لها.

مأسسة العمل تعني جعله في هيكلية تراتبية، ومفاصل عمل، ومستلزمات أداء، وتوقيتات والدول التي مأسست عملها والأحزاب ما عادت المؤسسة تنتهي بانتهاء الرجل المُتصدّي فيها.

كلُّ الكيانات تعاني من هذه الحالة، أعتقد الآن توجد ثقافة جديدة يفرضها الشارع، وهذا شيء ممتاز، وصعود، ويجب أن لا تُختزَل القضية بأشخاص، وتلك من سمات الربيع العربيّ بوجهه الإيجابيّ وهي العبور من الرئاسات الوراثية.. وهذا يعني الاقتراب من عقلية المؤسسة.

- ما تعليقك على تحديد الولاية الثالثة لرئيس الوزراء؟

الجعفريّ: يوجد خلاف عليه، وسيذهب إلى المحكمة، وتدرسه، وتعطي رأيها.. وأوجِّه التماسي وخطابي إلى المحكمة بأنها يجب أن تتعامل مع هذا الإجراء بحِرفية.

لا أحد منا يدوم، لا رئيس وزراء، ولا رئيس جمهورية، ولا رئيس السلطة القضائية الذي يدوم هو الشعب، يذهب جيل، ويأتي جيل بعده.. الدولة هي التي تدوم.

أناشد المحكمة أن تتعامل بحرفية في كلِّ قضية.. حين نصون القضاء نكون قد صُنّا الدولة، وأمّنا للمواطن أن يعيش في دولة يسود فيها القانون، ولا يعتدي عليه أحد.. دول العالم يفاخر بعضها على البعض الآخر عندما يكون القانون هو السائد، والقضاء يملك اليد الطولى.

- هناك مبادرة من السيد البرزاني للقاء في أربيل مرة أخرى.. هل ستذهبون إلى أربيل؟

الجعفريّ: لم أتلقَّ هكذا دعوة، إنما أسمع كلاماً عاماً.

- يقال: إنّ الضغط الأميركيَّ هو الذي يدفع الآن باتجاه الحلّ؟

الجعفريّ: نحن لسنا بحاجة إلى الأميركان، ولا أيّ قوة خارجية، نعم.. لا ينبغي أن نتحسّس من أيِّ دولة إذا تصرّفت بطريقة لا تصدع سيادتنا، ولا تفرّغ إرادة الشعب العراقيّ من قراره الوطنيّ.

القدر العراقيّ من شأن العراقيين، والعراقيون هم الذي يقرّرون، ونتمنى أن تتظافر جهودنا كعراقيين، وإذا كانت بقية الدول الإقليمية والأجنبية تريد أن تقف إلى جانبنا، وتتفاعل مع فهمنا فأهلاً وسهلاً ومرحباً، وليس لدينا أيُّ حساسية، ولا نحن فاقدو الثقة بأنفسنا بشرط أن لا تكون بديلاً عن الإرادة العراقية.

- هل قال لكم السعوديون: أهلاً وسهلاً بمقدمكم في زيارتكم الأخيرة؟

الجعفريّ: أنا ذهبت؛ لتأبين المرحوم الأمير سطام، واستقبلني الشيخ الأمير سلمان بن عبد العزيز، وكان استقبالاً جيِّداً، وشكرتهم على ذلك.

- هل التعزية هي الغاية من الزيارة؟

الجعفريّ: التعزية، وهي ضمناً فيها رسالة على حرص العراق على أن يُبقي العلاقة بيننا وبين السعودية خصوصاً أنَّ ما يجمعنا وإياهم كثير، واستقبالهم كان جيداً، وأعتقد إنّ فيه إشارات مُتبادَلة.

- العراق يريد أن يشكّل هذا المحور السعوديّ- الكويتيّ- الإماراتيّ المعتدل في مقابل المحور المُتشنِّج الآخر؟

الجعفريّ: أمّا لماذا السعودية وهذه السفرة فالرجل تُوفِي، فصارت مناسبة تستدعي التعزية، فذهبت للتعزية، كما كانت سابقاً مع خادم الحرمين فهد بن عبد العزيز أيضاً ذهبت في وقتها، ليس فقط أنا والسيد عبد العزيز الحكيم -رحمة الله عليه- والسيد رئيس الجمهورية، وكلُّ شيء في وقته، أمّا العلاقة فأنا مع العلاقة مع الدول كافة من دون استثناء، ولديَّ ثابت وطنيّ عراقيّ، ومُتحرِّك إقليميّ..

المصلحة العراقية تتطلّب مدَّ الجسور مع دول الجوار وفق الثابت الوطنيِّ العراقيِّ والمُتحرِّك الإقليميِّ، وينبغي أن لا نكون في أزمة تنظير، وإذا كان هناك خلافات بينهم فلا ينبغي أن تنعكس خلافاتهم علينا.

لنعكس لقاءاتنا الإيجابية بيننا وبين الكويت، وهكذا مع إيران وتركيا بمصالح حيوية مُتبادَلة.

- يوجد أمل بيننا وبين السعودية؟

الجعفريّ: يوجد أمل، وإن لم يكن موجوداً فيجب أن نخلقه.

لماذا؟ لأننا لا نستطيع بقرار أن نُلغي وجود السعودية من غرب العراق، ولا هم كذلك، هذه حقيقة جغرافية، ولا أفكّر بتغيير الجغرافية، فالجغرافية حقيقة، والحقيقة لا تبدل من نفسها شيئاً.

نحن الآن بلد مجاور للسعودية، وبيننا وبين السعودية الكثير من المشتركات، ويجب علينا أن نعمل بعيداً عن كلِّ التناقضات، ونؤسِّس علاقة تقوم على أساس دولتين، لا حاكمين، ولا حتى حكومتين؛ لأن الحاكمية تنتهي بانتهاء الحاكم.

العلاقة بين دولتين تقوم على بنية تحتية شعبية بحيث إنَّ أي حكومة تذهب تبقى هذه العلاقة.

- هاتان الدولتان مختلفتان مذهبياً؟

الجعفريّ: هم لديهم مصالح، ونحن لدينا مصالح، وهم لديهم أخطار يخافونها، ونحن أيضاً أخطار، هذه ليس فقط مع السعودية، إنما مع كلِّ الدول فعلدينا مصالح مع تركيا، وإيران، والكويت، ولدينا مخاوف مشتركة، وهم لديهم خوف، ونحن لدينا خوف، تركيا لديها مخاوف من الـ(بي كي كي)، وإيران لديها خوف من (منظمة خلق)، وتركيا لديها منتوج تبحث عن أسواق، وتريد أن ترفع حجم التجارة الخارجية، والسعودية نفس الأمر..

لا يخيفنا كوننا عندنا خلافات، يجب أن نطرح نظريتنا في العلاقات بيننا وبينهم تراعي المصالح، وتتجنب المخاطر المشتركة، وتمنع التدخل في السيادة.. إذا طبّقنا هذه النظرية -وأنا أعتقد أنها قابلة للتطبيق- سيكون الوضع أفضل.

- كيف تنظر إلى علاقتنا مع تركيا؟

الجعفريّ: ليست كما أطمح.

- لذلك لم تُلبِّ دعوة أردوغان؟

الجعفريّ: لم أحضر، وهم يعرفون السبب.. كنتُ ولازلت أتصوَّر أنه العلاقة يجب أن تعود إلى مجراها الطبيعيّ.

- لأنَّ طارق الهاشمي في الدعوة؟

الجعفريّ: بغضِّ النظر عن الأشخاص.. كيف يُدعى شخص إلى دولة ثانية والقضاء العراقيّ يحكم عليه، ويُدينه، والمُضيِّف يقدّمه بأنه يمثّل سيادة العراق.

أنا لستُ الآن في مسألة أن أدخل القضاء في القضايا السياسية، وأسيِّس القضاء، ولست في مجال إدخال تركيا في الاختلافات العراقية؛ وحتى أنسجم مع دوري، وأحترم كلمتي لا ينبغي أن أغضّ النظر عن القضاء، كما أني لستُ الوحيد الذي لم يحضر إنما كلُّ مُركَّبات التحالف لم تذهب بلا استثناء، وحتى الذين كانوا في الطريق رجعوا.

- العراقية ذهبت؟

الجعفريّ: لهم نظريتهم، وقد نصحتُ مَن هو الآن يراني على شاشة التلفزيون، وقلتُ له: لا أنصحك بالذهاب إذا واجهت هذا التناقض، وأنا -بالمناسبة- كنتُ إلى مساء الجمعة ناوياً الذهاب السبت، ولكن حين عرفتُ الجدول، ورأيت أني سأقع في هذا الحرج احترمتُ نفسي، وقلتُ: لا أذهب.

- الآن فُتِحت قناة مع تركيا وهو عبدالله غول، بدأت تصريحاته تنسجم مع ما يريده العراق، ولكن أردوغان مُتزمِّت برأيه.. كيف يمكن أن يوازن العراق علاقته مع الطرفين؟

الجعفريّ: هنا يأتي المهندس السياسيّ؛ ليأخذ من كلِّ سياسيٍّ المساحة المشتركة التي يُمكن أن نشتغل عليها، لا نقع بنظرية التصفير التي نادى بها الأخ الدكتور داود أوغلو. دعنا نقدِّم المُشترَك على المُختلَف، توجد خلافات بيننا وبين تركيا، وخلافات في داخل تركيا، وخلافات في داخل العراق، لكن لنتحرّك على المشترك، وسيحدث نقلات من إيجابيّ إلى آخر إيجابيّ، ويقلّص مساحة المُختلَف.

إذا انتظرنا متى نصفّر المختلف فهذا جموح بالخيال، نعم.. نقدِّم المُتفَق على المُختلَف، لكن يتقدّم بالمساحات المشتركة.

نستطيع أن نعمل مع تركيا، ونعمل مع بقية البلدان التي تحيط العراق.

- أردوغان يقول بأنه راعي السُنة في العراق؟

الجعفريّ: هذا غير صحيح، أنا لا أتفق معه إذا كان يتكلم بهكذا كلام.. هذا شأن العراق متروك للعراقيين.

الآن الشأن التركيّ تابع للأتراك فهل يصح أن أقول له: الشأن التركيّ تابع لسنة العراق، هل يصح أن أقول له: القرآن الكريم نزل باللغة العربية، وسنة العراق عرب، وهم لهم الحظوة والتقدم عليكم؟

لا يصح مثل هذا الكلام، ولا هو يقبل أن أتدخل في شأنه التركيّ بأيِّ لحاظ، فلماذا أقبل تدخُّله؟! انا اعتقد عندما يكون لدينا محامي قوي وذو منطق وقضيتنا عادلة ستنعكس النتائج ايجابية على بلدنا.

- قطر، وما أدراك ما قطر، ما رأيك بقطر، ودوره، هل هم مُهوَّل مُبالَغ فيه؟

الجعفريّ: تحاول قطر أن تلعب دوراً، وأنا أراها تعمل ببوصلة -للأسف الشديد- اسمها من يتردّد في بعض ملفات دول إقليمية ليس عامل استقرار، كنتُ تؤدّي قطر دوراً بنّاءً أو لا أقلَّ تحافظ على ما ينبغي أن تحافظ عليه كدولة جزء من العالم العربيّ، أو جزء من الحالة الإسلامية، وتترك شؤون البلدان.

- لعلّها تساعد على الحُرّيات، والديمقراطيات!!؟

الجعفريّ: هذا ليس من حقها، الحُرّيات حقٌّ دينيٌّ ووطنيٌّ، أما التدخّل في ملفات بلدان أخرى بطريقة من الطرق، وتحريك عناصر، وتحريض سواء كان بصفة إعلامية، أو مالية، أو صفة مُسلَّحة فهذا التدخل مرفوض، أمّا أن تتمنى أنه لو كان الفريق المحليّ في سورية أو العراق او مصر، أو أيِّ بلد من البلدان بحكم المشتركات بينها فهذا حقٌّ طبيعيٌّ لا أحد يستطيع أن يسلخها عنها، لكن حين يتحوّل إلى مفاعلات إعلامية، إلى تضخيم، وتقليص أطراف مُعيَّنة فالتدخّل بهذا الشكل ينتقل من تمنٍّ وعلاقات حميمة مع البلد والوطن إلى تغليب فئة على أخرى.. هذا نوع من أنواع التدخل.

أنا قلتُ كلمة في 2004، والآن أردِّدها: الإرهاب لا دين له، ولا مذهب له، ولا وطن له.. ليسمع العالم هذا تعبير عن حقيقة إنسانية، انظر حين قُلتها في 2004 أو نهاية 2003 الآن الإرهاب، وما يعمل في العالم.

لا أتردّد في بالقول: الآن توجد حرب عالمية، نعم.. نحن الآن في حرب عالمية؛ لأنَّ قواعدها موجودة في كلِّ دول العالم، وبدأت في 11 سبتمبر 2001، وانتقلت إلى إيطاليا وبريطانيا، وانتقلت إلى شرم الشيخ في مصر، وانتقلت إلى التفجيرات في السعودية، وتفجيرات في إيران وأفغانستان، وتفجيرات في العراق، وتفجيرات في في مختلف دول العالم.

هذه هي الحرب العالمية الحقيقية، فلا يُعرَف أيّ قاعدة جوية أو برية أو بحرية، أو أيّ مسجد ينفجر عليك، أو كنيسة كما حدث في كنيسة النجاة..

هذه هي الحرب العالمية، أمّا الحرب العالمية الأولى والثانية فهما حربان أوروبية - أوروبية، فلا يدلّسون علينا التاريخ.

- هل نحن في ربيع دمويٍّ، أم ربيع عربيّ؟

الجعفريّ: اختلط.. فمن جانب سقطت دكتاتوريات، و حين نتحدّث اليوم في 2013 لا ننسى الإنجاز الرائع الذي حصل في تونس وليبيا وبقية البلدان، وأتمنى لبقية البلدان أن تنتصر شعوبها على حكوماتها.

نحن مع الشعوب؛ لذا نتمنى لها أن تحقق هذا الإنجاز 100%، لكن لا يعني أننا حين نرى اختراقات، وصيحات تحاول أن تقطف ثمار هذا الإنجاز الوطنيّ في كلِّ بلد، وتعبر إلى الطائفية، وإلى الاتجاهات المتخلّفة، والمُتطرِّفة أن نقبل به.. نحن نرفضه.

- هل ترفض وقوف العراق إلى جانب نظام بشار الأسد؟

الجعفريّ: موقف العراق من سورية واضح جداً..

نحن مع الشعب السوريّ، قلناها منذ أول الطريق، وكرَّرناها عدة مرات، وأوصلنا إلى من يهمُّه الأمر: نحن مع الشعب السوريّ، ونتمنى للحكومة أن تراعي، وتستجيب للمطالب التي يطالبها الشعب السوريّ سواء في الاعتقال وإطلاق سراح المعتقلين، أو تحقيق إنجازات مُعيَّنة، أو جعل المواسم الانتخابية جادّة كالابتعاد عن حكم الحزب الواحد.

وقلناها منذ وقت مبكر أيضاً: إنَّ الشعب السوريّ ما اجتمعت كلمته ضد بشار الأسد كما اجتمعت كلمة الشعب التونسي ضد زين العابدين بن علي، أو ما اجتمعت كلمة ليبيا ضد معمر القذافي، أو الشعب المصري ضد حسني مبارك.

لسنا بديلاً عن الشعب السوريّ، وبما أنه مختلف فنحن نقف عند حدود المتفق، ونوجه خطابنا بلا حياء أو تردد، ونطالب الحكومة أن تستجيب له، أن يتغير أو لا فهذا شأن سوريّ.

انتهى

 


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy