|
لقاء قناة الحُرَّة الفضائيَّة مع الدكتور إبراهيم الجعفريِّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة على هامش أعمال الدورة الـ73 للجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة في نيويورك
الجعفريّ لقناة الحرة: الشعب العراقيّ عندما يتحدَّث عن مُواجَهة الإرهاب يجب أن يُصغي له قادة العالم لأنه يتكلـَّم من وحي التجربة.. نحن نبتعد عن سياسة المحاور وعندما يتهدَّد أمن المنطقة لا نقول كلمتنا فقط بل نتحمَّل مسؤوليَّـتنا ولا ننتظر أن تحترق المنطقة
الاخبار | 06-10-2018
الجعفريّ: الملفُّ الأوَّل الذي هو الانتخابات: أصل المبدأ هو الانتخابات، وتطويرها ضمن مواسم دستوريَّة مُعَدَّة سلفاً.. الانتخابات مُؤشـِّر ديمقراطيّ حيويّ، ومُهمّ جدّاً؛ لذا أوصي بالالتحام بصفِّ الناخِبين، واتجاه مُحصِّلة الاقتراع من جانب الوعي: وعي الناخب للمُرشـَّح: مَن المُرشـَّح؟ وكيف يستطيع أن يحمل هُمُوم العراق، هُمُوم كردستان، وأن تكون لديه القدرة، والقابليَّة، والأمانة، وأن يعي المَخاطر المُحِيطة بالبلد، ويختار الشخصيَّات التي ترقى إلى مُستوى درء الأخطار عن العراق، وفي الوقت نفسه يضع الخطط المطلوبة. عمليَّة الانتخاب مسؤوليَّة، وليست مِنحة، ولا تسلية، وعمليَّة مسؤولة عن رسم خارطة كردستان؛ لذا أوصيهم بالحُضُور، والحُضُور الواعي الذي يجدر به أن يُسمِّي هذه الأمور بأسمائها.
الجعفريّ: إن لم تكن شوطاً على الطريق الصحيح، فهي -لا أقلّ- خطوة على الطريق الصحيح.. الانتخابات جرس إنذار يُقرَع -عادة- في أجواء السُكُون؛ فيُمزِّقه، ليأتي بسرعة نحو تطبيق الأشياء المُعلـَّقة. أتطلـَّع تُذكـِّر الانتخابات الفرقاء السياسيِّين كافة بالإسراع في إنجاز ما بذمَّتهم.. الانتخابات القادمة سواء كان رئيس الجمهوريَّة، أم رئيس الوزراء أنا لا أفرِّق بين مُواطِن وآخر على خلفيَّة قوميَّة، أو دينيَّة.. أنا أفرِّق بين المُواطِنين على أساس الكفاءة، والأمانة.
الجعفريّ: أيّاً كانت الجهة الحاسمة، والمنطقة التي تتولـَّى عمليَّة الحسم: بغداد أو كردستان.. المُهمّ أن تأتي شخصيَّة مُناسِبة للموقع المُناسِب. لا يهمُّني مَن الذي يأتي، بل يهمُّني بماذا سيأتي.. هناك آمال عريضة تنتظر مَن يأتي، وهناك مشاكل نودّ من الذي يأتي أن يرقى إلى الحجم العراقيِّ بالتفكير، ودرء المخاطر عن العراق.. هذا هو المطلوب. ماذا تعني أن تكون رئيس جمهوريّة؟ تُمثـِّل سيادة العراق، وتتصدَّى بقدرة، وقابليَّة، وقوة، وتُفكـِّر بحجم العراق كلـِّه مادمُتَ رئيساً للجمهوريَّة. لماذا يُسمَّى الرأس رأساً؛ لأنـَّه يملك ناصية التحكـُّم بالأطراف.. فالرئيس مطلوب منه أن يتفاعل مع الجميع مُتناسِياً خُصُوصيَّاته.. لا أقول: ينساها، بل تبقى قوميَّته، ومذهبه، واتجاهه السياسيُّ، فهي ليست "بدلة" يخلعها، ويلبس غيرها، ولكن يجب أن يعرف أنَّ الجلد الذي لا يُنزَع من جسمه هو الجلد الوطنيُّ، والجلد العراقيّ. أنت عراقيّ يجب أن تُفكـِّر بحجم العراق، ولا يحقُّ لك أن تختزل العراق بذاتك، ولكن يسعك أن تتـَّسع لحجم العراق؛ لذا يجب على الرئيس أن يعرف أنـَّه أمام مسؤوليَّة يرتقي فيها إلى حجم العراق.
الجعفريّ: الاستمرار في مُواجَهة الفساد بكلِّ أنواعه، وحتى الإرهاب نوع من أنواع.. الفساد في الصعيد الأمنيّ يُسمَّى الإرهاب، وفي الصعيد الاقتصاديِّ يُسمَّى سرقات، وفي كلِّ مجال هناك فساد: في الفنِّ يُوجَد فساد بقلب الحقائق.. بيكاسو يرسم لوحة، ويقول: هذه اللوحة تعبير عن الظلم، وعن مكافحة الظلم. الفساد قابل لأن يدبَّ في الجسم، وفي كلِّ شيء.. كلّ بلدان العالم مرَّت بموجات من الفساد والفاسدين، لكنـَّها ما انثنت، وما تراجعت. يجب أن نضع المُعادِل للفساد، وهو: الإصلاح، وأتطلـَّع إلى حكومة حازمة، ولديها وعي الإصلاح، وإرادة جادَّة لأن تطال الفاسدين، وتضع حدّاً لهذا الاستهتار. لا يخصّني الذين يدَّعون: المُسمَّون بالأمير كثير والأمير الذي بها المأمول يجب أن تكون مُواجَهة الفساد جادَّة، ومُستمِرَّة لا هوادة فيها.. وكلُّ الفرقاء السياسيِّين ينبغي أن يلتقوا على مكافحة الفساد، كما التقوا على الوطنيَّة العراقـيَّة، ويتفقوا على العراق الوطن الذي يُمثـِّل الخيمة التي تُظِلّ على الجميع.
الجعفري: أنا ما دخلتُ بالمُحاصَصة، ولم أتلوَّث بالمُحاصَصة قط، ولا أتلوَّث بها؛ لأنـَّها شيء لا يُشرِّف، وأتطلـَّع إلى زملائي، وإخواني أن أرى كفاءته الذاتـيَّة، ومن أين أتى، وقدرته، وقابليَّـته. بعض الأحيان أتناسى حتى خلفيَّـته، وليست مُهمَّة جدّاً عندي، بل أنظر ماذا لديه من كفاءة، وقابليَّة، وصدق أوّلاً، ومِصداقـيَّة ثانياً، ويعي ما يقول، ويلتزم بما يقول. المُحاصَصة أهرب منها هُرُوب الماعز من الذئب.. بصراحة.. لا يُشرِّفني أن آتي من مسألة المُحاصَصة.. المُحاصَصة التي تأتي بك هي ذات المُحاصَصة التي تتحكـَّم فيك، وتُوجِّهك ببوصلة مُعيَّنة، فلا يفرح الشخص أنـَّه جاء بالمُحاصَصة، ولا تفرح الحكومة أنـَّها جاءت بشخصيَّات من إفراز المُحاصَصة. ماذا تعني المُحاصَصة؟ تعني أنـَّه ليس رئيس الحكومة دستوريّاً هو الذي يُؤشـِّر، ويُوجِّه أفراد حكومته، بل الجهة التي تأتي به.. والمكاتب السياسيَّة التي تأتي بالأشخاص هي التي تتحكـَّم بها. هذا خلاف الأمانة. البلد القويّ يأتي بالحكومة، ويُشكـِّل الحكومة، ويُوجِّه الحكومة بنحو أخويّ.. فالمُحاصَصة تختلف تماماً.
الجعفريّ: أنا مُتمسِّك بالحكم بمعنى الدولة كلـِّها، وأتفانى من أجل إنجاحها.. والعقد المُبرَم بيني وبين الحكم، والدولة لن ينفرط، ولن ينتهي بانتهاء الدورة. أتمنـَّى أن تأتي حكومة قويَّة رئيساً، وأعضاءً. بالنسبة لي ما تطلـَّعتُ لأن أشغل موقعاً -يعرف الإخوة القريبون مني ليلة اختياري لوزارة الخارجيَّة أنـِّي ما كنتُ حاسماً الموضوع، ولا أعطيتُ كلاماً عليه-، والآن أنا لستُ مُتشبِّثاً بالمنصب خُصُوصاً أنـِّي أبحث عن بديل في خدمة العراق، ولديَّ فرص أخرى أريد أن أستثمرها حتى أزيد من عطائي ما بقي من العمر بقـيَّة.
الجعفريّ: العراق ليس أكبر دولة في العالم من ناحية الجغرافية، أو حتى الديمغرافية، لكنـَّه من أقوى دول العالم في الموروث الحضاريِّ، وتعدُّد الديمغرافية على الأرض؛ وبذلك يحقُّ له، بل يجب عليه أن يُعطي رأيه في مثل هذه الحالة. نحن لسنا دخلاء على الحضارة، ولا دخلاء على السياسة.. السياسة، والحضارة، والفكر، والقِيَم تُوجَد في مُخِّ العظم لدى كلِّ عراقيٍّ. هذا ابن الهور في الجنوب مولد حضاريّ.. والحضارة العالميَّة بدأت من هناك.. فنحن لسنا على الهامش، وفي الوقت نفسه لنا رأي ليس في بلدنا فقط، بل في كلِّ ما يمسُّ بلدنا بسوء، ويدرّ على بلدنا بالخير، والصلاح. لا نتعامل بطريقة مُتحاجِرة، بل نتحسَّس، ونُصغي لكلِّ شيء من شأنه أن يُقوِّي وضعنا مع دول الجوار الجغرافيِّ، أو -لا سمح الله- أن يُوتـِّر -وهذا شيء طبيعيّ-؛ لذا نظرنا إلى التوتـُّر بين أميركا وإيران على أنَّ إيران على حُدُودنا، وبيننا وبين أميركا علاقة كحكومة؛ لذا نبذل جهداً لتخفيف بُؤَر التوتـُّر؛ لأنـَّه -لا سمح الله- إذا تدهورت أكثر فستجرُّ بويلاتها على بلدنا، وعلى بلدان أخرى. نعتقد أنَّ إيران دولة ذات تاريخ حضاريّ، وإمكانات، وبيننا وبينها علاقات، ومصالح، كما أنَّ أميركا أصبح لها شأن، ولدينا علاقات معها، ونتطلـَّع أن تُبرِم علاقة، ولا أعتقد أنَّ القضيَّة عصيَّة على الحلِّ.. إلى الأمس القريب كان التوتـُّر قد بلغ ذروته مع كوريا الشماليَّة، وأوشك العالم لدى بعض السطحيِّين أن يقترب من الحرب العالميَّة الثالثة، ثم انجلت الغبرة، وإذا بصفحة جديدة، وعلاقات جديدة. أعتقد أنَّ الأزمة بين أميركا وإيران قابلة للحلِّ، لكن لا تتحرَّك بشكل تلقائيّ، بل أن تأخذ عناصر الخير دورها في مسألة تجنيب المنطقة مغبَّة أيِّ توتـُّر، وأيِّ أزمة من شأنها أن تجرّ بويلاتها على المنطقة، وعُمُوم العالم.
الجعفريّ: لم أطلب لقاءً مع أيِّ شخصيَّة، ولكن صادفني أحد الشخصيَّات، وتحدَّثنا، وأشرتُ إلى أنَّ هذا همِّي الدائم، وزادي في التعاطي. والبُؤَر الساخنة الأقرب إلى العراق أعطيها أولويَّة، وأوصلتُ هذا الكلام، وقلتُ: ليس من الصحيح أن نجرَّ المنطقة إلى هذه الخُطـُورة.. التهديدات لا تحلُّ، بل لا تزيد الطين إلا بلـَّة، وتُؤثـِّر أكثر.. ما يضيق به التأزيم يتـَّسع له الحوار. نصحتُ بأنَّ الأفضل أن نميل إلى الحوار خُصُوصاً أنَّ إيران دولة لها شأنها، وحضارتها، ولها تاريخها، ولها إرادتها الجادّة.. خطاب الشيخ روحاني كان يحظى باحترام العالم بما فيهم الأميركان؛ لذا فليُؤسِّسوا على هذا الخطاب، وعلى هذه المُبادَرة.. فليردُّوا الجميل بالجميل.. والحَسَن بالحَسَن.. الكرة الآن في ملعب أميركا، وعليها أن تُراجِع سياستها الخارجيَّة عُمُوماً، وباتجاه الشرق الأوسط بصورة خاصّة. الشرق الأوسط قلب العالم، ومنه انبعثت الحضارات، والرسالات، وموجات الفكر، وهي منطقة الثروات المُتعدِّدة، وينبغي أن تُعطى هذه المنطقة ما تستحقها من الأهمِّـيَّة، وتُجنـِّب المنطقة، وتُجنـِّب نفسها مغبَّة التوتـُّر الذي إذا اندلع يُحرِق الأخضر واليابس.
الجعفريّ: هذه وجهة نظر يُطلِقها المُخالِفون لإيران.. نحن لسنا غابة، بل نحن عالم مُتحضِّر إنسانيّ.. الحوار يسبق المُواجَهة، والقلم يسبق البندقـيَّة.. ليجلسوا، ويتكلـَّموا بثقة بما لهم وما عليهم.. قبل مُدَّة كانت مع كوريا، ووصلت إلى عنق الزجاجة، وكادت القضيَّة أن تلتهب.. كنتُ هنا في الأمم المتحدة في نيويورك، واستمعتُ للطرف الكوريِّ، وماذا قال، وإلى الطرف الأميركيِّ، وماذا قال، وهما يتراشقان بحِدَّة، والعالم كلـُّه كان قلقاً، ويهتزُّ، وقد أوشكت الحرب أن تبدأ، وأمَّا الآن فقد طـُوِيَت هذه الصفحة.
الجعفريّ: لماذا يكون بين كوريا وأميركا، ولا يكون بين إيران وأميركا؟!
الجعفريّ: طبعاً.
الجعفريّ: كلُّ الملفات التي يختلفون عليها الآن يستطيعون أن يُقدِّموا مفاهيم جديدة في التعامُل. في ذاك اليوم التقوا، وانتهوا إلى قضيَّة الأسلحة النوويَّة.. أنا لا أتكلـَّم على مُستوى الرئاسات، بل أنا أتكلـَّم على مُستوى الدول: دولة الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران، ودولة الولايات المتحدة الأميركيَّة التقوا، وجلسوا، وتحاوروا.. هذا أصل. الحوار النذير البشير خير يعمّ على المنطقة، وعلى الأطراف المُتخاصِمة يجب أن تُجيد فنَّ الحوار.. لا يكفي أن تختلف، وتعتقد أنـَّك على صواب مُطلـَق.. هذا ليس صحيحاً.. ليس فينا أحد يقول: أنا صحّ مُطلـَق، والبقـيَّة خطأ مُطلـَق.. مَن أنتَ حتى تقول: أنا صحيح في كلِّ شيء؛ لأنـَّك تملك ناصية القوة؟! أليس الذين جرّوا العالم للحُرُوب يُفكـِّرون بهذه العقليَّة: عقليَّة أنا صحّ مُطلـَق في كلِّ شيء، وغيري خطأ؟! لا يُوجَد هكذا شيء.
الجعفريّ: العراق ينأى بنفسه أن يدخل في سياسة المحاور، والتقاطع المحوريِّ بين دولة وأخرى.. نعم، لا يترك حدثاً، ولا يترك فرصة إلا ويصدح بخطابه، ويُعبِّر بكلِّ صراحة، ويتكلـَّم بملء فمه. لماذا؟ لأنـَّه بلد الحضارات في العالم، ونحتلُّ موقعاً ستراتيجيّاً في منطقة الشرق الأوسط. نحن مررنا بحُرُوب، واكتوينا بنارها، ورأينا الحصار، فلا نتكلـَّم من موقع قراءة كُتُب.. أنا لا أتكلـَّم عن ثقافة -أتشرَّف أن أتكلـَّم بالثقافة- أنا أتكلـَّم من موقع مُمارَسة.. الشعب العراقيّ عندما يتحدَّث عن مُواجَهة الإرهاب يجب أن يُصغي له قادة العالم، فضلاُ عن شُعُوبهم، وما فعله العراقـيُّون حين أسقطوا أسطورة داعش في العراق معروف.. العراق يتكلـَّم من وحي التجربة، وعلى الآخرين أن يُصغوا له باحترام -هذا ليس غُرُوراً.. المغرُور هو الذي لم يَرَ حرباً، ويتكلـَّم بالحرب، ويجرّ بلده إلى الحرب. هذا الغُرُور، أمَّا العراق فيتحدَّث عن تجربة. أنا (العراق) يقول لك: أنا مررتُ بتجربة قبلك، ورأيتُ أبنائي، وأعزائي، وإخواني، ونسائنا ترمّلت، وآباءنا وأمهاتنا ثـُكِلـُوا. نحن نتكلـَّم من موقع الحرص، وموقع الثقة بالنفس، وأنَّ هذا العالم إذا تركناه في هذا الشكل سيجرّ الويلات علينا. نحن نبتعد عن سياسة المحاور، ولا نقبل بالدُخُول في محاور، وعندما يتهدَّد أمن المنطقة لا نقول كلمتنا فقط، بل نتحمَّل مسؤوليَّـتنا، ولا ننتظر أن تحترق المنطقة بثرواتها.. بإنسانها.. بكلِّ شيء فيها. إلى الطرف المقابل يقتنع أو لا يقتنع: كلُّ حرب قادتها رجالها، وليست الشُعُوب طلبت الحُرُوب، بل إنَّ الشُعُوب خاصمت زعماءها عندما ورَّطوها بالحُرُوب. ليقرأوا مُذكـَّرات ولسن تشرشل ماذا يقول: "أنا الذي أنقذتُ بريطانيا من هتلر، لكنَّ شعبي ما اختارني (ما انتخبني)". الأمم، والشُعُوب الحيَّة تكره الحُرُوب، ولا تختار رؤساءها في أجواء الحُرُوب؛ لأنـَّه لا يُوجَد شعب في العالم يتمنـَّى الحرب. ما الفرق بين الطفولة في بلد أو في بلد آخر، والمرأة، والشيخ، والشابّ في هذا البلد أو بلد آخر؟ نحتاج أن نُؤنسِن طريقتنا في التفكير، ولا ننطوي على ذواتنا.. أنا أعتزُّ بالذي يعتزُّ بحجم الوطنيَّة، ولكن لا يختزل العالم بحجم الوطنيَّة.. مثلما لديك مصالح فالشُعُوب الأخرى لديها مصالح. ماذا يعني مفهوم الدولة الكبرى؟ إذا أردتُ أن أقِرَّ هذا المصطلح فيكون عندما تُبرهِن أنـَّها الأخ الأكبر الراعي، والمُدافِع عن أمن بقـيَّة الدول، أمَّا الأخ الأكبر الذي يسطو فهذا خرافة! هذا الذي نصَّب نفسه ملك العالم، وذاك إمبراطور العالم في مطلع التاريخ ذهبوا، وبقيت شُعُوبهم.
الجعفريّ: أطلـَّت علينا الحرب العالميَّة الثانية، ولمَّا ولـَّت ولـَّدت لنا شيئاً جديداً اسمه (الأعضاء الدائمون في الأمم المتحدة). هذه الديمومة من أين جاءت؟ (هل) شُعُوب العالم وقفت، وصوَّتت له؟! (هل) شعبك نفسه صوَّت له؟! يتمتـَّع بحقِّ النقض "الفيتو"، وقد عملوها عِدَّة مرَّات.. هذا عالم إلى الخرافة أقرب منه إلى الواقع.. هذا عالم يقضي على نفسه بنفسه. المفروض أن يُعاد النظر بهذه القِيَم، وهذه الثقافة، وتأتي ثقافة إنسانيَّة تضع الأمور في نصابها الصحيح.. فنحن نحترم الدول كافة، ونحرص على أن نبني علاقات صداقة جيِّدة ليس من موقع غياب الوعي، بل لأنـَّنا نعي ما نُرِيد، وما نسمح به.. شُعُوب العالم تنتصر حتى إذا أخذت بعض الوقت.
الجعفريّ: هذا التصرُّف هو عمل أقرب ما يكون إلى الانتحار.. الذي يدخل العراق، ويستخدم سياسة الضربة الخاطفة، والتدمير بدعوى وُجُود فلان، وفلان، فإنَّ العالم يعرف أنـَّنا ليس لدينا أجانب يُقاتِلون في هذا المكان. العراق الذي كان قادراً على كسر شوكة وداعش، وهزمهم في وقت عجزت دول كبرى عنهم، ويبني وضعه، وبلده، وأمنه بمشروعيّة، وجانب إنسانيّ ينتصر لا محالة.
الجعفريّ: أين هي القوات الإيرانيَّة؟ في أيِّ زاوية، وأيِّ محافظة؟ كانت تُوجَد قوات أميركيَّة، وكان هذا اتفاقاً، ثم قلنا: لا نُريد قوات.. وكلُّ دول العالم لا تُوجَد لديها قوات في العراق.. نعم، يُوجَد مُستشارون من شتى دول العالم، وقد رحَّبنا بهم، وقد أطلقتها في خطاب 2014 في أيلول/سبتمبر في نيويورك، وتكلـَّمتُ بصراحة، ووضعنا شُرُوطنا ضمن الدستور العراقيِّ؛ لذا لم ولن نسمح بأن يأتي ما يُهدِّد العراقـيِّين... العراقـيُّون شعب عصيّ على الذلّ.. على الاحتلال.. على التدخـُّل الأجنبيِّ.. على الابتزاز.. على الاختراق الأمنيِّ. شعب أثبت أنـَّه شعب المُكوِّنات المُتعدِّدة، ولكنـَّه عندما يتصدَّع الأمن، والسيادة في العراق سيهبُّ الجميع للدفاع عن شرف العراق. العودة إلى صفحة الأخبار |
|