|
إشراقة أمل
قراءات | 18-08-2019
إِشْرَاقَةُ أَمَلٍ فِيْ زَحْمَةِ تَحَدِّيَاتٍ، وَاشْتِدَادِ فِتَنٍ، وَتَرَاكُمِ أَحْزَانٍ لَدَى الْبَعْضِ، وَنَحْنُ عَلَى مَشَارِفِ وَدَاعِ شَهْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ، وَلابُدَّ لاسْتِقْبَالِ عِيْدِهِ الْمَأْمُوْلِ؛ حَتَّى نَبْدَأَ حَيَاةً تَشْهَدُ حَرَاكاً شَامِلاً سَارّاً تَمْتَزِجُ فِيْهِ الأُمُوْرُ الْفَرْدِيَّةُ، وَالْعَائِلِيَّةُ، وَالاجْتِمَاعِيَّةُ.. وَتُطْوَى فِيْهِ صَفَحَاتُ عَتَبٍ، وَنَقْدٍ، وَتَلاوُمٍ، وَتَقْصِيْرٍ؛ لِتُطِلَّ مِنْ عَلْيَاءِ التَّسَامُحِ بِفَتْحِ صَفْحَةٍ جَدِيْدَةٍ، وَتُقْرَعَ أَجْرَاسُ الْعَفْوِ الْمُنْطَلِقَةِ مِمَّنَ تَشَبَّعَ بِالإِيْمَانِ، وَالثِّقَةِ بِاللهِ (سبحانه وتعالى)، وَبِالنَّفْسِ، وَصَمَّمَ عَلَى الشُّرُوْعِ فِيْ التَّسَامِي لِيَخُطَّ مَسَارَاتٍ فِي التَّفَاعُلِ بَعْدَ الصَّوْمِ؛ لِيَتحَرَّرَ مِنْ سِجْنِ الانْفِعَالِ بِالشَّهَوَاتِ حَتَّى لا يَرْزَحَ تَحْتَ عُقَدِ الْحِقْدِ وَالْكَرَاهِيَةِ، وَيَرْسَف بِقُيُوْدِ حُبٍّ جُنُوْنِيٍّ لا يُبْقِي لِلْعَقْلَ فُرْصَةً لِلْمُرَاجَعَةِ، وَلا يَضَعُ قُيُوْداً عَلَى قِيَمِهِ الْحَقَّةِ، وَلا حُجُباً عَلَى فِطْرَتِهِ السَّلِيْمَةِ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْظُرَ بِعَيْنِ اللهِ (سبحانه وتعالى) لَمْ يَبْقَ أَمَامَهُ إِلاَّ أَنْ يُكَسِّرَ مَا ارْتَدَى مِنْ نَظَّارَةِ السُّوْءِ بِأَلْوَانِهَا الْقَاتِمَةِ الَّتِيْ أَضْفَتْ عَلَى مَا حَوْلَهُ، وَمَنْ حَمَّلَهُ أَلْوَانَ شُرُوْرٍ وَهْمِيَّةٍ لا وُجُوْدَ لَهَا فِيْ حَقِيْقَةِ الآخَرِيْنَ، وَالَّتِيْ لَمْ تَرْتَكِبْ، أَوْ تَجَاوَزَهَا مُرْتَكِبُوْهَا مُنْذُ زَمَنٍ.. يَنْظُرُ لِلنَّاسِ بِعُيُوْنِ الْيَوْمِ مُتَحَرِّراً مِنْ سِجْنِ الْمَاضِي لِيَحْصِدَ ثِمَارَ حَاضِرٍ يَصْنَعُهُ، وَيَبْذُرَ لِمْسْتَقْبَلٍ يَنْشُدُهُ.. يَطْرَحُ مَفْهُوْماً عَنِ الْقُوَّةِ غَيْرَ مَفْهُوْمِ الْعُدْوَانِ، أَوِ اسْتِلابِ الْمَنَافِعِ بِطُرُقٍ غَيْرِ مَشْرُوْعَةٍ... إِنَّهَا قُوَّةُ الْعَفْوِ، وَقُوَّةُ التَّسَامُحِ، وَغَضِّ النَّظَرِ بِمَا فِيْهِ مِنْ تِرْكَةٍ ثَقِيْلَةٍ تَشُلُّ فِيْهِ حَرَكَتَهُ نَحْوَ الْخَيْرِ.. يَنْظُرُ لِلْمَاضِي مِنْ مَوْقِعِ الْعِبْرَةِ، وَلِلْمُسْتَقْبَلِ مِنْ مَوْقِعِ التَّصْمِيْمِ. فَالْبُكَاءُ عَلَى الْمَاضِي لا يُغَيِّرُهُ، بَلْ سَيَلْتَهِمُ حَاضِرَهُ، وَيُهَدِّدُ غَدَهُ، وَمُسْتَقَبَلَهُ لَيْسَ لَهُ إِلاَّ الْحِفَاظُ عَلَى حَاضِرِهِ، وَتَلافِي أَخْطَاءِ مَا وَقَعَ فِيْ تَارِيْخِهِ لِصِيَانَةِ مَا يُقَدِّمُ مِنْ مُسْتَقْبَلِهِ: ))لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(( {الحديد/23}.. أَحْيَاناً يَتَقَاسَمُ النَّاسَ شُعُوْرٌ سَلْبِيٌّ ضَاغِطٌ بَيْنَ حُزْنٍ شَدِيْدٍ يَصِلُ حَدَّ الْكَآبَةِ عَلَى أُمُوْرٍ تَجَاوَزَهَا الزَّمَنُ، وَهِيَ: الْهَزِيْمَةُ، وَبَيْنَ فَرَحٍ وَهْمِيٍّ (الْمُنَى) غَيْرِ قَابِلٍ لَلتَّحَقُّقِ يَدْفَعُ لِلْغُرُوْرِ، وَهِيَ: بَضَائِعُ الْمَوْتَى، كَمَا عَبَّرَ عَنْهَا أَمِيْرُ الْمُؤْمِنِيْنَ (عليه السلام): "إِيَّاكَ وَاتِّكَالَكَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا مِنْ بَضَائِعِ الْمَوْتَى".. لَيْسَ لِلْبِنَاءِ فِيْ كُلِّ الْمُسْتَوَيَاتِ إِلاَّ التَّصْمِيْمُ عَلَى الْعَمَلِ ضِمْنَ مَنْظُوْمَةِ التَّعَاوُنِ بِأَوْسَعِ مَجَالٍ، وَبِتَخْطِيْطِ مَدْرُوْسٍ يَتَجَاوَزُ الْعَقَبَاتِ، وَيَعِدُ بِحَاضِرٍ مُشْرِقٍ، وَبِمُسْتَقْبَلٍ وَاعِدٍ يَأْخُذُ مِنْ جِرَاحَاتِ الْمَاضِي تَصْمِيْماً عَلَى التَّوَاصُلِ الْبَنَّاءِ.. إِنَّهُ شَهْرُ الإِحْسَانِ لِمَنْ أَحْسَنَ، وَحَتَّى لِمَنْ أَسَاءَ، وَلِلأَحْيَاءِ وَحَتَّى لِمَنْ مَاتَ..
الجمعة 23/رمضان/1439 الْمُوَافِقُ 8/6/2018 |
|