|
الارتقاء والهبوط
قراءات | 18-08-2019
الارْتِقَاءُ وَالْهُبُوْطُ حَرَكَتَا الارْتِقَاءِ إِلَى الأَعْلَى، وَالْهُبُوْطِ إِلَى الأَسْفَلِ كَثِيْراً مَا تَتَعَرَّضُ لَهَا مُجْتَمَعَاتُ الْعَالَمِ.. وَمِنْ أَنْكَى مَا يَرَاهُ الْمَرْءُ هُوَ الطَّبَقَةُ الْمُتَصَدِّيَةُ الَّتِيْ تَعْمَلُ عَلَى تَجْهِيْلِ النَّاسِ، وَتَسْطِيْحِ ثَقَافَتِهِمْ؛ لِيُرَاوِحُوْا فِي الْمُسْتَوَى الأَدْنَى مِنَ الثَّقَافَة.. مَسِيْرَةُ الإِنْسَانِ فِي الأَوْسَاطِ الاجْتِمَاعِيَّةِ تَكْشِفُ لَهُ أَنَّ الَّذِيْنَ مِنْ حَوْلِهِ يَخْتَلِفُوْنَ فِيْ مَوَاهِبِهِمْ. فَمِنْهُمْ: مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ مُسْتَوَىً، وَأَكْثَرُ أَخْلاقاً، وَأَوْسَعُ عِلْماً، وَأَخْصَبُ تَجْرِبَةً، وَلا يَجِدُ مَا يُبَرِّرُ تَفْوِيْتَ أَيِّ فُرْصَةٍ لِلأَخْذِ مِنْهُ، وَالتَّعَلُّمِ مِمَّا يَفِيْضُ بِهِ، وَمِنْهُمْ: مَنْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ. وَكِلْتَا الشَّرِيْحَتَيْنِ الأَعْلَى وَالأَدْنَى فِيْهِمَا مَرَاتِبُ، وَدَرَجَاتٌ كَمَا أَنَّهُمْ جَمِيْعاً فِيْ حَرَاكٍ مُتَوَاصِلٍ. فَبَعْضٌ يَسْتَمِرُّ صَاعِداً، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَاوِحُ، أَوْ يَتَرَاجَعُ مَنْ يَعْقِدُ الْعَزْمَ عَلَى الاسْتِفَادَةِ مِنَ الآخَرِيْنَ لَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الأَخْذِ، وَالتَّعَلُّمِ مِنْ أَيِّ مُعْطٍ مَهْمَا كَانَ عُمْرُهُ، أَوْ جِنْسُهُ، أَوْ خَلْفِيَّتُهُ مَادَامَ لَهُ ثَرْوَةُ عِلْمٍ، وَثَرْوَةُ خُلُقٍ، وَثَرْوَةُ تَجْرِبَةٍ، وَهُوَ وَبِمَعْرِضِ التَّفَاعُلِ مَعَ الَّذِيْنَ يَدُوْرُوْنَ حَوْلَهُ دَائِمُ التَّعَاطِي عَلَى قَاعِدَةِ التَّعَاطِي الْبَنَّاءِ الَّتِيْ يَنْفَعُ فِيْهَا الآخَرُ وَيُنْتَفَعُ مِنْهُ.. الَّذِيْنَ عَقَدُوْا العَزْمَ عَلَى النَّفْعِ، وَالانْتِفَاعِ يَعْرِفُوْنَ مَاذَا، وَمِمَّنْ يَأْخُذُوْنَ، كَمَا يَعْرِفُوْنَ مَاذَا، وَلِمَنْ يُعْطُوْنَ. فَمَا مِنْ مُتَفَوِّقٍ عَلَيْهِمْ إِلاَّ وَيَأْخُذُوْنَ مِنْهُ، وَمَا مِنْ أَقَلَّ مِنْهُمْ إِلاَّ وَجَادُوْا عَلَيْهِ.. فَعَوَامُّ الطَّبَقَةِ الاجْتِمَاعِيَّةِ قَدْ تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى مَدَارِجِ الصَّعُوْدِ، وَيُعَمِّقُ لَدَيْهَا رُوْحَ الشُّعُوْرِ بِالْمَسْؤُوْلِيَّةِ تُجَاهَ الْبَلَدِ، وَمُؤَسَّسَاتِهِ، وَثَرَوَاتِهِ، وَكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. أَمَّا تَخْدِيْرُهُ بِمَا لا يَنْفَعُ إِنْ لَمْ يُضِرَّ فَهُوَ لا يَصُبُّ لِصَالِحِهِ.. مِنْ أَنْكَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ بَعْضِ الْمُتَحَدِّثِيْنَ هُوَ الرِّهَانُ عَلَى الْعَوَامِّ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ، بَلْ نَشَأَتْ ظَاهِرَةٌ يَنْدَى لَهَا الْجَبِيْنُ حَيَاءً هِيَ التَّسَابُقُ عَلَى التَّجْهِيْلِ، وَتَسْطِيْحِ الثَّقَافَةَ حَتَّى يَبْقَى الْمُتَحَدِّثُ الْجَاهِلُ مُعْطِياً لِمَنْ هُوَ أَجْهَلُ مِنْهُ! سَبَقَ أَنْ سَادَتْ فِي الأَجْوَاءِ الأُوْرُوْبّيَّةِ ثَقَافَةُ لِمَنِ الأَوْلَوِيَّةِ بِالتَّأْثِيِرْ الَّلاهُوْتِ، أَمِ النَّاسُوْتِ، وَالْجَيْشُ الْمُعَادِي عَلَى أَبْوَابِ بِيْزَنْطَةَ حَتَّى سَقَطَتِ الْمَدِيْنَةُ وَهُمْ مَشْغُوْلُوْنَ بِالنِّقَاشِ الْبِيْزَنْطِيّ.. وَسَبَقَهُمُ الْمَكْرُ الْعَبَّاسِيُّ حِيْنَ شَغَلَ النَّاسَ فِيْ مَسْأَلَةِ خَلْقِ الْقُرْآنِ؛ مِمَّا أَدَّى إِلَى سَفْكِ دِمَاءٍ، وَسَجْنِ عُلْمَاءَ.. وَالْيَوْمَ تُرَوِّجُ بَعْضُ الأَطْرَافِ خِلافاً بِالأَوْسَاطِ حَوْلَ الْخِلافَاتِ الطَّائِفِيَّةِ، وَالْقَوْمِيَّةِ، وَالتَّارِيْخِيَّةِ الَّتِيْ تَجَاوَزَهَا الزَّمَنُ، بَلْ أَصْبَحَتْ جُزْءاً مِنَ التَّارِيْخ.. الثَّقَافَةُ الْمَسْؤُوْلَةُ، وَالْمُثَقَّفُ الْمَسْؤُوْلُ لَنْ يَتَهَاوَنَ فِيْ أَدَاءِ وَاجِبِهِ فِيْ تَعْبِئَةِ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ، وَالأَخْذِ بِهِمْ عَلَى طَرِيْقِ الارْتِقَاءِ حَتَّى يَصِلُوْا إِلَى مُسْتَوَى تَحَمُّلِ الْمَسْؤُوْلِيَّةِ، وَالنُّهُوْضِ بِالْعِرَاقِ لِمَا يَسْتَحِقُّ، وَيَتَنَاسَبُ مَعَ تَارِيْخِهِ، وَحَضَارَتِهِ، وَتَضْحِيَاتِهِ، وَغَزَارَةِ ثَرَوَاتِهِ.
الجمعة 30/رمضان/1439 الْمُوَافِقُ 15/6/2018 لندن |
|