|
الساتر الدبلوماسي
قراءات | 18-08-2019
السَّاتِرُ الدِّبْلُوْمَاسِيّ نَعِيْشُ الْيَوْمَ عَالَماً فِيْهِ تَفَاوُتٌ كَبِيْرٌ بَيْنَ الادِّعَاءَاتِ، وَحَقَائِقِ مَا يَجْرِي عَلَى أَرْضِ الْوَاقِعِ؛ مِمَّا يَعْنِي أَنَّ الْكَثِيْرَ مِنَ الْعَنَاوِيْنِ الَّتِيْ تُطْرَحُ تَأْخُذُ شَكلاً بَرَّاقاً مِنْ حَيْثُ الإِسْمُ، لَكِنَّهَا تَنْطَوِي عَلَى مَضَاَمِيْنَ مُغَايِرَةٍ لا تَبْدُو عَلَى حَقِيْقَتِهَا لِلْوَهْلَةِ الأُوْلَى.. أَحَدُ هَذِهِ الْمَفَاهِيْمِ هُوَ "الدِّبْلُوْمَاسِيَّةُ" الَّذِيْ شَاعَ عُنْوَانُهُ، وَتَطَوَّرَ اسْتِعْمَالُه.. تَعْرِيْفُ الدِّبْلُوْمَاسِيَّةِ كَمَا وَرَدَ فِيْ أَحَدِ الْمَصَادِرِ: [مَجْمُوْعَةُ الْمَفَاهِيْمِ، وَالْقَوَاعِدِ، وَالإِجْرَاءَاتِ، وَالْمَرَاسِمِ، وَالْمُؤَسَّسَاتِ، وَالأَعْرَافِ الدَّوْلِيَّةِ الَّتِيْ تُنَظِّمُ الْعَلاقَاتِ بَيْنَ الدُّوَلِ، وَالْمُنَظَّمَاتِ الدَّوْلِيَّةِ، وَالْمُمَثِّلِيْنَ الدِّبُلْوُمَاسِيِّيْنَ؛ بِهَدَفِ خِدْمَةِ الْمَصَالِحِ الْعُلْيَا (الأَمْنِيَّةِ، وَالاقْتِصَادِيَّةِ) وَالسِّيَاسَاتِ الْعَامَّةِ].. بَقِيَ وَجْهُ الدِّبْلُوْمَاسِيَّةِ عَاكِساً لِلْمُرُوْنَةِ السِّيَاسِيَّةِ الَّتِيْ يُفْتَرَضُ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِهَا الدِّبْلُوْمَاسِيُّ مِنْ حَيْثُ الأُسْلُوْبُ، وَمُفْرَدَاتُ الْكَلامِ، وَأَنْمَاطُ تَبَادُلِ التَّحَايَا، وَتَدَاوُلُ الْمُصْطَلَحَاتِ، وَمُرَاعَاةُ التَّرَاتُبِيَّةِ الْمُعْتَمَدَةِ بِالسِّلْكِ الدِّبْلُوْمَاسِيّ.. وَكَثِيْراً مَا يُوْصَفُ الشَّخْصُ الْمَرِنُ بِأَنَّهُ دِبْلُوْمَاسِيٌّ، وَأَنَّ أُسْلُوْبَهَ يَتَمَيَّزُ بِالدِّبْلُوْمَاسِيَّةِ، وَأَنَّ الْكَثِيْرَ مِنَ الْمَشَاكِلِ الَّتِيْ تَحْدُثُ بَيْنَ الدُّوَلِ تَبْدَأُ فِيْ مَعْرِضِ الْحَلِّ بِاسْتِنْفَادِ الْحُلُوْلِ الدِّبْلُوْمَاسِيَّةِ، وَعَدَمِ اللُّجُوْءِ لِلْبَدِيْلِ الْعَسْكَرِيّ.. غَيْرَ أَنَّ مَا تُخْفِيْهِ الدِّبْلُوْمَاسِيَّةُ كَهَيْئَةِ عَمَلٍ، أَوْ مُمَارَسَةٍ سُلُوْكِيَّةٍ أَحْيَاناً هُوَ الْعَسْكَرَةُ، أَوْ الْجَوْسَسَةُ بِحَيْثُ تَكُوْنُ الْمُؤَسَّسَةُ ذَاتَ طَابِعٍ حِرَفِيٍّ، لَكِنَّ مَفَاصِلَهَا بِالتَّشْكِيْلِ، وَنَمَطَهَا الْوَظِيْفِيَّ بِالْعَمَلِ يَنْحُو بِاتِّجَاهِ التَّجَسُّسِ الَّذِيْ يَتَّجِهُ نَحْوَ جَمْعِ الْمَعْلُوْمَاتِ السِّرِّيَّةِ عَنِ الْمُوَاطِنِيْنَ فِيْ ذَلِكَ الْبَلَدِ خُصُوْصاً الْمُعَارَضَةَ مِنْهُمْ، بَلْ تَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى تَوْسِعَةِ النَّشَاطِ التَّجَسُّسِيِّ لِيَشْمُلَ رَصْدَ، وَتَقَصِّيَ الْمَعْلُوْمَاتِ الْمَحْظُوْرَةِ لِلدَّوْلَةِ الْمُضَيِّفَةِ، وَمُوَاطِنِيْهَا، وَمُؤَسَّسَاتِهَا خُطْوَةً عَلَى طَرِيْقِ التَّدَخُّلِ فِيْ شُؤُوْنِهَا الدَّاخِلِيَّةِ.. أَوِ الْعَسْكَرَةُ الَّتِيْ تُفْضِي إِلَى مُمَارَسَةِ الاغْتِيَالاتِ، وَمَا يَسْبِقُهَا مِنِ اخْتِزَانِ أَسْلِحَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ، وَغَيْرِ مَسْمُوْحٍ بِحِيَازَتِهَا. وَكِلْتَا الْمَهَمَّتَيْنِ جَرَى الْعَمَلُ بِهِمَا فِيْ سِفَارَاتِ بَعْضِ الدُّوَلِ.. كَانَ نِظَامُ صَدَّام مِنْ أَبْرَزِهَا، وَمَا رَافَقَ ذَلِكَ مِنْ تَصْفِيَاتٍ لِلْكَثِيْرِ مِنَ الْمُوَاطِنِيْنَ فِيْ مُخْتَلِفِ عَوَاصِمِ الْعَالَمِ كَالْخُرْطُوْمِ، وَالْكُوَيْتِ، وَعَمَّانَ، وَبَيْرُوْتَ، وَالإِمَارَاتِ، وَإِيْطَالِيَا، وَلَنْدَن..؛ مِمَّا يَعْنِي أَنَّهَا تَحَوَّلَتْ إِلَى سَوَاتِرَ اسْتِخْبَارِيَّةٍ، أَوْ عَسْكَرِيَّةٍ، بَلْ نَحَتْ مَنْحَى ثَقَافِيّاً مُخَرِّباً، وَخَطِيْراً حِيْنَ أَضْحَتْ سَوَاتِرَ طَائِفِيَّةً كَذَلِك.. لَيْسَ أَمَامَ الْهَيْئَاتِ الدِّبْلُوْمَاسِيَّةِ غَيْرُ الأَنْسَنَةِ؛ كَيِ تُحَافِظَ عَلَى هُوِيَّةِ عَمَلِهَا بَعِيْداً عَنْ شَتَّى أَنْوَاعِ الانْتِهَاكَات.. الدِّبْلُوْمَاسِيَّةُ الْحَقَّةُ هِيَ الَّتِيْ تَدْفَعُ عَنِ الْبَلَدِ كُلَّ خِيَارَاتِ السُّوْءِ، وَتَنْطَلِقُ فِيْ ذَلِكَ مِنْ مِحْوَرِيَّةِ الْقِيْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ كَنُقْطَةِ ارْتِكَازٍ.. وَالنَّظْرَةُ الشَّامِلَةُ لِكُلِّ بَنِي الْبَشَرِ لأَيِّ دِيْنٍ يَنْتَمِي، وَبِأَيِّ بَلَدٍ يَعِيْشُ، وَتَحْمِلُ فِيْ جُعْبَتِهَا حُلُوْلاً دِبْلُوْمَاسِيَّةً لِكُلِّ مُعْضِلَةٍ، وَبَدَائِلَ نَظِيْرَةً حِيْنَ يَصْعُبُ الأَخْذُ بِبَعْضِهَا..
الجمعة 7/شوال/1439 الْمُوَافِقُ 22/6/2018 لندن |
|