|
شهر العودة إلى الله
قراءات | 18-08-2019
شَهْرُ الْعَوْدَةِ إِلَى اللهِ كُلُّنَا نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ عُرْضَةٌ لِلْخَطَأِ، وَالتَّقْصِيْرِ مَهْمَا بَلَغَ ماَدَامَ غَيْرَ مَعْصُوْمٍ، وَالْمَفْرُوْضُ أَنْ يَضَعَ الْمُعَادِلَ لِلْخَطَأِ، وَكَذَا الْخَطِيْئَةُ، وَهُوَ الاعْتِرَافُ بِهِ حِيْنَ يَحْصُلُ، وَالاعْتِذَارُ مِنْ جَمِيْعِ الْمُتَضَرِّرِيْنَ مِنْهُ.. أَجْوَاءُ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ تُشَجِّعُ عَلَى الْعَوْدَةِ، وَيُقْصَدُ بِهَا الرُّجُوْعُ إِلَى الْفِطْرَةِ الَّتِيْ فَطَرَهُ اللهُ (سبحانه وتعالى) عَلَيْهَا؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ بِفِطْرَتِهِ مُسَالِمٌ يُحِبُّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكَرْهُ لَهُمْ مَا يَكْرَهُ لَهَا، لَكِنَّ الانْغِمَاسَ بِتَفَاصِيْلِ الْحَيَاةِ الْمَادِّيَّةِ يَجُرُّهُ لارْتِكَابِ مِثْلِ تِلْكَ الأَخْطَاءِ، أَوِ الْخَطَايَا! وَسُرْعَانَ مَا يُحِسُّ بِدَاخِلِهِ وَلَوْ بَعْدَ حِيْنٍ أَنَّهُ ارْتكَبَ خَطَأً مَا، وَيْسَتَحِثُّ نَفْسَهُ لِطَلَبِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِمْ، لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى وَعْيِ الْمُفَارَقَةِ، وَشَجَاعَةِ الاعْتِرَافِ، وَالاعْتِذَارِ، وَلا يَكْتَفِي بِمُجْرَّدِ الاعْتِرَافِ أَمَامَ مَنْ أَخْطَأَ بِحَقِّهِمْ، أَوْ جَنَى عَلَيْهِمْ مِنْ دُوْنِ أَنْ يَمْتَدَّ بِاعْتِرَافِهِ إِلَى الْوَسَطِ الَّذِيْ انَتْهَكَ فِيْهِ حُرْمَتَهُمْ.. فَمِنْ غَيْرِ الْمُرُوْءَةِ أَنْ يُسِيْءَ لِلْبَرِيْءِ بِالْعَلَنِ، وَيَعْتَذِرَ مِنْهُ بِالْخَفَاءِ! كَمَا لَيْسَ مِنَ الإِنْصَافِ أَنْ يُفْتَرَى عَلَيْهِ بِغِيَابِهِ، ولا يُذْكَرَ مَا لَدَيْهِ مِنْ حَسَنَاتٍ بِحُضُوْرِهِ وَغِيَابِهِ.. الإِقْدَامُ عَلَى خُطْوَةِ الاعْتِرَافِ، وَالاعْتِذَارِ، وَالتَّصْحِيْحِ الاجْتِمَاعِيِّ تَحْتَاجُ إِلَى وَعْيٍ، وَإِقْدَامٍ؛ وَهِيَ مَا تَتَطَلَّبُ إِرَادَةً قَوِيَّةً، وَأَجْوَاءً اجْتِمَاعِيَّةً مُشَجِّعَةً. فَبِمِثْلِ أَجْوَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ تَكُوْنُ الْفُرْصَةُ مُؤَاتِيَةً أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ فُرْصَةٍ أُخْرَى لَدَى الْمُذْنِبِ بِمَا أَسَاءَ وَلِلضَّحِيَّةِ بِمَا يُعَوِّضُهُ اللهُ (سبحانه وتعالى) مِنَ الأَجْرِ حِيْنَ يَعْفُو غَيْرَ أَنَّ دَائِرَةَ التَّجَنِّي لا يُمْكِنُ أَنْ تُتْرَكَ مِنْ دُوْنِ أَنْ تَشْهَدَ عَلَى الاعْتِذَارِ؛ حَتَّى تَتَحَوَّلَ إِلَى "ثَقَافَةِ مُرَاجَعَةٍ"، وَ"شَجَاعَةِ اعْتِذَارٍ". إِنَّ أَقْوَى الشَّخْصِيَّاتِ مَنْ لا تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ الأَبْرِيَاءِ عِنْدَهُ، وَالأَقْوَى مِنْهَا تِلْكَ الَّتِيْ تَعْتَذِرُ حِيْنَ تُخْطِئُ بِذَاتِ الأَوْسَاطِ الَّتِيْ أَسَاءَتْ فِيْهَا.. نَعِيُش هَذِهِ الأَيَّامَ أَيَّامَ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ، وَهَذِهِ اللَّيَالِي لِيَالِي الْقَدْرِ الشَّرِيْفِ، وَنَتَوَجَّهُ إِلَى اللهِ (سبحانه وتعالى) بِقُلُوْبٍ عَامِرَةٍ بِصِدْقِ النِّيَّةِ قَبْلَ أَنْ تُقَدَّرَ بِهَا الأَعْمَارُ، وَالأَعْمَالُ، وَلا نَجِدُ زَاداً أَوْفَرَ مِنْ زَادِ الاعْتِرَافِ بِالأَخْطَاءِ، وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ مِنَ اللهِ (سبحانه وتعالى)، وَالْعَفْوِ مِمَّنْ أَخْطَأْنَا بِحَقِّهِمْ أَحْيَاءً كَانُوا أَمْ أَمْوَاتاً، بَلْ لا يُفْتَرَضُ أَنْ نَقِفَ عِنْدَ حَدِّ الاعْتِذَارَ مِنْ دُوْنِ أَنْ نَتَوَاصَلَ لَهُمْ بِالدُّعَاءِ، وَقَدْ تَبْدُو مَهَمَّةُ التَّوْبَةِ، وَالْعَوْدَةِ لِلْفِطْرَةِ صَعْبَةً وَثَقِيْلَةً لَكِنَّهَا وَمَا إِنْ يُقْدِمُ عَلَيْهَا الْمَرْءُ حَتَّى يُحِسَّ بِلَذَّةِ الانْتِصَارِ عَلَى الذَّاتِ، وَيَعْمَلَ جَاهِداً فِيْ لَيَالِي الْقَدْرِ أَنْ يُوْلَدَ مِنْ جَدِيْدٍ يُوْلَدَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.. الْخُطْوَةُ الأُوْلَى هِيَ قَرَارُ الْعَوْدَةِ بِشَجَاعَةِ إِقْدَامْ، وَأَخْذِ مُبَادَرَةٍ! تَأْجِيْلُ التَّوْبَةِ لا يَضْمَنُ فُرْصَةً غَيْرَهَا بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ، وَالْتِمَاسُ الأَعْذَارِ يَدْفَعُ بِاتِّجَاهِ التَّسْوِيْفِ. يَقُوْلُ الْحَبِيْبُ الْمُصْطَفَى (صلى الله عليه وآله وسلم) لأَبِيْ ذَرٍّ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِيَّاكَ وَالتَّسْوِيْفَ بِأَمَلِكَ، فَإِنَّكَ بِيَوْمِكَ، وَلَسْتَ بِمَا بَعْدَهُ، فَإِنْ يَكُنْ غَدٌ لَكَ تَكُنْ فِي الْغَدِ كَمَا كُنْتَ فِي الْيَوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَدٌ لَكَ لَمْ تَنْدَمْ عَلَى مَا فَرَّطْتَ فِي الْيَوْمِ. يَا أَبَا ذَرٍّ كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لا يَسْتَكْمِلُهُ، وَمُنْتَظِرٍ غَداً لا يَبْلُغُهُ"..
الأربعاء 21/رمضان/1439 الْمُوَافِقُ 6/6/2018 |
|